كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 3)
الثاني: وهو أظهر أنه سلام بر وإكرام , فقابل جفوة أبيه بالبر تأدية لحق الأبوة وشكراً لسالف التربية. ثم قال: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} وفيه وجهان: أحدهما: سأستغفر لك إن تركت عبادة الأوثان. الثاني: معناه سأدعوه لك بالهداية التي تقتضي الغفران. {إنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً} فيه خمسة أوجه: أحدها: مُقَرِّباً. الثاني: مُكْرِماً. الثالث: رحيماً , قاله مقاتل. الرابع: عليماً , قاله الكلبي. الخامس: متعهداً.
{فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا} قوله تعالى: { ... وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً} فيه وجهان: أحدهما: جعلنا لهم ذكراً جميلاً وثناءً حسناً , قاله ابن عباس , وذلك أن جمع الملك بحسن الثناء عليه. الثاني: جعلناهم رسلاً لله كراماً على الله , ويكون اللسان بمعنى الرسالة: قال الشاعر:
(أتتني لسان بني عامر ... أحاديثهما بعد قول ونكر.)
ويحتمل قولاً [ثالثاً] أن يكون الوفاء بالمواعيد والعهود.
{واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا}