كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 3)

الله تعالى صرف هؤلاء عن تفسير هذه الرؤيا لطفاً بيوسف ليتذكر الذي نجا منهما حاله فتدعوهم الحاجة إليه فتكون سبباً لخلاصه. قوله عز وجل: {وقال الذي نجا منهما وادّكر بَعْدَ أمة} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني بعد حين , قاله ابن عباس. الثاني: بعد نسيان , قاله عكرمة. الثالث: بعد أمة من الناس , قاله الحسن. قال الحسن: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة , وكان في العبودية والسجن والملك ثمانين سنة وجمع له شمله فعاش بعد ذلك ثلاثاً وعشرين سنة. وقرىء {وادّكر بعد أمَةٍ} بفتح الألف وتخفيف الميم , والأمه: بالتخفيف النسيان. {أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون} أي أخبركم بمن عنده علم بتأويله ثم لم يذكره لهم. قال ابن عباس: لم يكن السجن بالمدينة فانطلق إلى يوسف حين أذن له وذلك بعد أربع سنين بعد فراقه. قوله عز وجل: {يوسف أيها الصديق أفتنا} احتمل تسميته بالصديق وجهين: أحدهما: لصدقه في تأويل رؤياهما. الثاني: لعلمه بنبوته. والفرق بين الصادق والصديق أن الصادق في قوله بلسانه , والصديق من تجاوز صدقه لسانه إلى صدق أفعاله في موافقة حاله لا يختلف سره وجهره , فصار كل صدّيق صادقاً وليس كل صادق صدّيقاً. {أفتنا في سبع بقرات سمان} قال قتادة: هي السنون المخصبات. {يأكلهن سبع عجافٌ} قال قتادة: هي السنون المجدبات. {وسبع سنبلات خضر وأُخر يابسات} والخضر الخصب لأن الأرض بنباتها

الصفحة 43