كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 3)

{أَن لاَّ إِلهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} يعني لنفسي في الخروج من غير أن تأذن لي , ولم يكن ذلك عقوبة من الله , لأن الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا , وإنما كان تأديباً , وقد يؤدب من لا يستحق العقاب كالصبيان. قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} وفي استجابة الدعاء قولان: أحدهما: أنه ثواب من الله للداعي ولا يجوز أن يكون غير ثواب. والثاني: أنه استصلاح فربما كان ثواباً وربما كان غير ثواب. {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} يحتمل وجهين: أحدهما: من الغم بخطيئته. الثاني: من بطن الحوت لأن الغم التغطية. وقيل: إن الله أوحى إلى الحوت ألاّ تكسر له عظماً , ولا تخدش له جلداً. وحينما صار في بطنه: قال يا رب اتخذتَ لي مسجداً في مواضع ما اتخذها أحد. وفي مدة لبثه في بطن الحوت ثلاثة أقاويل: أحدها: أربعون يوماً. الثاني: ثلاثة أيام. الثالث: من ارتفاع النهار إلى آخره. قال الشعبي: أربع ساعات , ثم فتح الحوت فاه فرأى يونس ضوء الشمس , فقال: سبحانك إني كنت من الظالمين , فلفظه الحوت.
{وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} {رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً} فيه ثلاثة أوجه:

الصفحة 467