كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 3)

وفي هذا دليل على أنه يجوز للإنسان أن يصف نفسه بما فيه من علم وفضل , وليس هذا على الإطلاق في عموم الصفات ولكن مخصوص فيما اقترن بوصلة أو تعلق بظاهر من مكسب وممنوع منه فيما سواه لما فيه من تزكية ومراءاة , ولو تنزه الفاضل عنه لكان أليق بفضله , فإن يوسف دعته الضرورة إليه لما سبق من حاله ولما يرجوه من الظفر بأهله.
{وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون} قوله عز وجل: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض} قال ابن جرير الطبري: استخلصه الملك الأكبر الوليد بن الريان على عمل إظفير وعزله. قال مجاهد: وأسلم على يده. قال ابن عباس: ملك بعد سنة ونصف. فروى مقاتل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن يوسف قال: إني حفيظ عليم إن شاء الله لملك في وقته ذلك). ثم مات إظفير فزوّجه الملك بامرأة إظفير راعيل , فدخل بها يوسف فوجدها عذراء وولدت له ولدين أفرائيم ومنشا ابني يوسف. ومن زعم أنها زليخا قال لم يتزوجها يوسف وأنها لما رأته في موكبه بكت , ثم قالت: الحمد لله الذي جعل الملوك عبيداً بالمعصية , وجعل العبيد بالطاعة ملوكاً , فضمها إليه فكانت في عياله حتى ماتت عنده ولم يتزوجها. {يتبوَّأ منها حيث يشاء} فيه وجهان:

الصفحة 52