كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 3)

وجدها ليوسف، مأخوذ من قولهم تنسمت رائحة كذا وكذا إذا قرب منك ما ظننت أنه سيكون. والقول الثاني: وهو قول الجمهور أنه شم ريح يوسف التي عرفها. قال جعفر بن محمد رضي الله عنه: وهي ريح الصبا. ثم اعتذر فقال: {لولا أن تفندّون} فيه أربعة أقاويل: أحدها: لولا أن تسفهون , قاله ابن عباس ومجاهد , ومنه قول النابغة الذبياني:
(إلا سليمان إذ قال المليكُ له ... قم في البرية فا جددها عن الفنَد)
أي عن السفة. الثاني: معناه لولا أن تكذبون , قاله سعيد بن جبير والضحاك , ومنه قول الشاعر:
(هل في افتخار الكريم من أود ... أم هل لقول الصديق من فند)
أي من كذب. الثالث: لولا أن تضعّفون , قاله ابن إسحاق. والتفنيد: تضعيف الرأي , ومنه قول الشاعر:
(يا صاحبي دعا لومي وتفنيدي ... فليس ما فات من أمري بمردود)
وكان قول هذا لأولاد بنيه , لغيبة بنيه عنه , فدل هذا على أن الجدَّ أبٌ. الرابع: لولا أن تلوموني , قاله ابن بحر. ومنه قول جرير:
(يا عاذليَّ دعا الملامة واقصِرا ... طال الهوى وأطلْتُما التفنيدا)
واختلفوا في المسافة التي وجد ريح قميصه منها على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه وجدها من مسافة عشرة أيام. قاله أبو الهذيل.

الصفحة 77