كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 3)
وَيُكْرَهُ تَغْطِيَةُ النَّعْشِ بِغَيْرِ الْبَيَاضِ، وَيُسَنُّ بِهِ، ويكره مرقعه، قال الْآجُرِّيُّ: كَرِهَهَا1 الْعُلَمَاءُ، وَاتِّبَاعُهَا بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ وَنَارٍ "و" إلَّا لِحَاجَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ التَّبْخِيرُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ يُكْرَهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ.
وَيُسَنُّ الذِّكْرُ وَالْقِرَاءَةُ سِرًّا، وَإِلَّا الصَّمْتُ، وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَلَوْ بِالْقِرَاءَةِ، اتِّفَاقًا، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَحَرَّمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَمَا يُعْطَوْنَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ سَبَقَ أَوَّلَ بَابِ الْكَفَنِ2. وَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ إبَاحَةُ الْقِرَاءَةِ، وَأَنَّهُ يُخَرَّجُ تَحْرِيمُهُ وَكَرَاهَتُهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَتُكْرَهُ الْمُحَادَثَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّبَسُّمُ وَالضَّحِكُ أَشَدُّ، وَكَذَا مَسْحُهُ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ عَلَيْهَا تَبَرُّكًا، وَقِيلَ بِمَنْعِهِ كَالْقَبْرِ، وَأَوْلَى: قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: هُوَ بِدْعَةٌ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ: وَهُوَ قَبِيحٌ فِي الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَفِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ، قَالَ: وَلِهَذَا مَنَعَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ مَسِّ الْقَبْرِ، فَكَيْفَ بِالْجَسَدِ؛ وَلِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْحَيَاةِ، ثُمَّ حَالَ الْحَيَاةِ يُكْرَهُ أَنْ يُمَسَّ بَدَنُ الْإِنْسَانِ، لِلِاحْتِرَامِ وَغَيْرِهِ سِوَى الْمُصَافَحَةِ، فَأَمَّا غَيْرُهَا فَسُوءُ أَدَبٍ، كَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ، بَلْ بَعْدَ الْمَوْتِ انْقَطَعَتْ الْمُوَاصَلَةُ بِالْبَدَنِ سِوَى القبلة، للسنة3؛ ولأن ضربه بمنديل وكم
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ب" و"س": "كرهه".
2 ص 313.
3 أخرج البخاري "1241" "1242"، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: أقبل أبو بكر رضي الله عنه.... وفيه: فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله ثم بكى ... الحديث. وأخرج أبو داود "3163"، والترمذي "989" وابن ماجه "1456"، عن عائشة، قالت رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت، حتى رأيت الدموع تسيل.
الصفحة 369