كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 3)

وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ مَنْ هُوَ عَادَةُ أَهْلِهِ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ عُذِّبَ، لِأَنَّهُ مَتَى ظَنَّ وُقُوعَهُ وَلَمْ يُوصِ فَقَدْ رَضِيَ وَلَمْ يَنْهَ مَعَ قُدْرَتِهِ.
وَمَا هَيَّجَ الْمُصِيبَةَ مِنْ وَعْظٍ وَإِنْشَادِ شِعْرٍ فَمِنْ النِّيَاحَةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمَعْنَاهُ لِابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ، فَإِنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُهُ عَقِيلٌ قَرَأَ قَارِئٌ: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 78] ، فَبَكَى ابْنُ عَقِيلٍ وَبَكَى النَّاسُ فَقَالَ لِلْقَارِئِ: يَا هَذَا إنْ كُنْت تُهَيِّجُ الْحُزْنَ فَهُوَ نِيَاحَةٌ بِالْقُرْآنِ، وَلَمْ يُنَزَّلْ لِلنَّوْحِ بَلْ لَهُ لِتَسْكِينِ الْأَحْزَانِ.
وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الْمُصَابُ عَلَى رَأْسِهِ ثَوْبًا، وَالْمُرَادُ عَلَامَةٌ لِيُعْرَفَ بِهَا فَيُعَزَّى. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُكْرَهُ لُبْسُهُ خِلَافَ زِيِّهِ الْمُعْتَادِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ لَهُ تَغْيِيرُ حَالِهِ: مِنْ خَلْعِ رِدَائِهِ وَنَعْلِهِ وَتَغْلِيقِ حَانُوتِهِ، وَتَعْطِيلِ مَعَاشِهِ، وَقِيلَ: لَا، وَسُئِلَ أَحْمَدُ "رَحِمَهُ اللَّهُ" يَوْمَ مَاتَ بِشْرٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا يَوْمَ جَوَابٍ، هَذَا يَوْمُ حُزْنٍ.
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا بَأْسَ بِهَجْرِ الْمُصَابِ لِلزِّينَةِ وحسن الثياب ثلاثة أيام.
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ حَتَّى الصَّغِيرِ ولو بعد الدفن
"هـ" كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالشَّافِعِيَّةُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَذْهَبُهُ كَمَا يَأْتِي1. وَفِي الْخِلَافِ: بعده أولى، للإياس التام منه.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 404.

الصفحة 403