كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 3)

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّ التَّفْضِيلَ فِي هَذَا وَفِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَذِّ وَفِي قَوْلِهِ: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَعْذُورِ، قَالَ: وَحَدِيثُ: "ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ" 1 يُبَيِّنُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْخَيْرَ لَيْسَ كَمَنْ عَجَزَ عَنْهُ، وَلَيْسَ مَنْ حَجَّ كَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْحَجِّ، فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ: "مَنْ كَانَ لَهُ حِزْبٌ مِنْ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْهُ أَوْ مَرِضَ، كُتِبَ لَهُ" 2. قُلْنَا: لَا نُنْكِرُ تَخْصِيصَ مَا شَاءَ اللَّهُ تَخْصِيصَهُ بِالنَّصِّ، وَإِنَّمَا نُنْكِرُهُ بِالظَّنِّ وَالرَّأْيِ، كَذَا قَالَ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ، وَمَشَى مَعَ الظَّاهِرِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3 عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نَامَ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَقُومَ فَنَامَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى". وَلِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ أَنْ يَقُولَ: الْمُرَادُ نِيَّةُ مَا نَوَى، لَا عَمَلُهُ مِنْ اللَّيْلِ، عَلَى ظَاهِرِهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ4 عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: "مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كتب له كأنما قرأه من الليل".
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 أخرجه مسلم "1006" "53"، من حديث أبي ذر.
2 أورده ابن أبي حزم في المحلى 4/193.
3 أخرجه النسائي في "المجتبى" 3/258، "والكبرى" "1459"، وابن ماجه "1344"، من حديث أبي الدرداء، ولم نجده عند أبي داود، وانظر: "إرواء الغليل" 2/204.
4 أحمد "220"، ومسلم "747" "142"، أبو داود "1313"، والترمذي "581"، والنسائي في "المجتبي" 3/259، وابن ماجه "1343".

الصفحة 76