كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 3)

__________
الإجماع على ذلك وقد يقال إن هذا الشرط مستغنى عنه بما تقدم من اشتراط الأمن على النفس والمال في الاستطاعة خصوصا إذا جعلنا التشبيه في قولنا كالبر راجعا لجميع ما تقدم في المسير من البر من اشتراط أن لا تلحقه مشقة عظيمة وأن يأمن على نفسه وماله من اللصوص وأصحاب المكوس على التفصيل المتقدم في البر فيكون التشبيه راجعا لذلك كله إلا أن يقال التشبيه أفاد اشتراط الأمن من اللصوص وأصحاب المكوس وهذا الكلام أفاد اشتراط الأمن من البحر نفسه أو يقال التشبيه إنما هو في كونه طريقا يجب سلوكه فقط وأفاد هذا الكلام بيان شروط ركوبه أو يقال لعل المصنف إنما نبه على هذا الشرط وإن فهم مما تقدم لمزيد الاعتناء به لأنه إذا فقد فقد حرم السفر حينئذ في البحر والله أعلم. وغلبة العطب فيه بأمور منها ركوبه في غير إبانه وعند هيجانه قال ابن معلى.
تنبيه: يجب على من أراد السفر في البحر أن لا يركب الغرر المتفق وهو ركوبه في غير إبانه ووقت هيجانه حكى الاتفاق على ذلك القاضي في إكماله فإن قلت: فعين لنا هذا الوقت حتى نجتنبه قلت: قد نص بعض العلماء على أنه يرجع في ذلك لأهل الخبرة بهذا الشأن فإن قالوا إن الغالب فيه العطب امتنع ركوبه وقد نص الداودي على أن من ركب البحر عند سقوط الثريا بريء من الله تعالى ومنها كون ذلك البحر مخوفا تندر السلامة فيه قال في التوضيح: قال القاضي أبو الحسن إن كان البحر مأمونا يكثر سلوكه للتجار وغيرهم فإنه لا يسقط فرض الحج وإن كان بحرا مخوفا تندر السلامة منه ولا يكثر ركوب الناس له فإن ذلك يسقط فرض الحج انتهى. ومنها خوف عدو الدين أو المفسدين من المسلمين والله أعلم.
تنبيه: تلخص من النصوص المتقدمة أنه إذا غلب العطب في الطريق حرم الخروج وقال البرزلي: سئل اللخمي فيمن خرج حاجا في طريق مخوفة على غرر ويغلب على ظنه أنه لا يسلم هل هو من الإلقاء باليد إلى التهلكة أو هو مأجور بسبب قصده إلى فريضة الحج والتقرب فالنقل إن كان قد حج أم ليس بمأجور ولا مأثوم فأجاب الحج مع هذه الصفة من الغرر ساقط وتحامله بعد ذلك لا يسلم فيه من الإثم قال البرزلي: هذا بين على ما حكى ابن رشد من شرط جواز تغيير المنكر أن لا يخاف على نفسه وأما ما اختاره عز الدين من أنه جائز ولو خاف على نفسه لأن كثيرا ممن رأيته فعل ذلك وسلم فحمل الأمر على الغالب فكذلك يكون هنا إذا صلحت نيته وهذا إذا كان يعلم أنه يؤدي فرائض الصلاة وتوابعها انتهى. فتأمله والله أعلم. وأما الشرط الثاني أعني قوله: أو يضيع ركن صلاة لكميد فمعناه أن شرط ركوب البحر للحج فأحرى لغيره أن يعلم الراكب أنه يوفي بصلاته في أوقاتها من غير أن يضيع شيأ من فروضها وهذا أيضا ليس الموطأ بالبحر بل هو شرط في وجوب الحج مطلقا قال في المدخل قال علماؤنا: إذا علم المكلف أنه تفوته صلاة واحدة إذا خرج إلى الحج فقد سقط

الصفحة 477