كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 3)

__________
والله أعلم. وقال المصنف في منسكه ثم ينظر في أمر الزاد وما ينفقه فيكون من أطيب جهة لأن الحلال يعين على الطاعة ويكسل عن المعصية وكان السلف رضي الله عنهم يتركون سبعين بابا من الحلال مخافة الوقوع في الحرام وهذا وهم متلبسون بغير الحج فما بالك بالحج انتهى. وقال صلى الله عليه وسلم "من أكل الحلال أطاع الله شاء أو أبى ومن أكل الحرام عصى الله شاء أو أبى" ذكره في المدخل وقال عليه السلام طلب الحلال فريضة وقال عليه السلام من أمسى وانيا من طلب الحلال بات مغفورا له وقوله وانيا من قولهم ونا إذا تعب وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله من المؤمن قال الذي إذا أصبح سأل من أين قرصه وإذا أمسى سأل من أين قرصه قالت يا رسول الله لو علم الناس لتكلفوه قال وقد علموا ذلك ولكنهم غشموا المعيشة غشما أي تعسفوا تعسفا وقال ابن عبدوس عماد الدين وقوامه طيب المطعم فمن طاب كسبه زكا عمله ومن لم يصحح في طيب مكسبه خيف عليه أن لا تقبل صلاته وصيامه وحجه وجهاده وجميع عمله لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: من الآية27] انتهى.
تنبيهات: الأول: قال ابن معلى قال الغزالي من خرج لحج واجب بمال فيه شبهة فليجتهد أن يكون قوته من الطيب فإن لم يقدر فمن وقت الإحرام إلى التحلل فإن لم يقدر فليجتهد يوم عرفة لئلا يكون قيامه بين يدي الله تعالى ودعاؤه في وقت مطعمه فيه حرام وملبسه حرام فإنا وإن جوزنا هذا للحاجة فهو نوع ضرورة فإن لم يقدر فليلزم قلبه الخوف والغم لما هو مضطر إليه من تناول ما ليس بطيب فعساه ينظر إليه بعين الرحمة ويتجاوز عنه بسبب حزنه وخوفه وكراهته انتهى. ونقله التادلي وقال قبله وجدت بخط الشيخ الصالح أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى المعروف بابن الأمين من تلامذة ابن رشد على ظهر شرحه لكتاب الموطأ ما نصه قال أحمد بن خالد قال ابن وضاح يستحب لمن حج بمال فيه شيء أن ينفقه في سفره وما يريد من حوائجه وليتحر أطيب ما يجد فينفقه من حين يحرم بالحج فيما يأكل ويلبس من ثياب إحرامه وشبه هذا ورأيته يستحب هذا ويعجبني أن يعمل به وحكي عن بعض السلف انتهى. ونقله ابن فرحون جميعه قال وذكره بعض السلف انتهى. والله أعلم.
الثاني: إذا عجز عن المال الحلال السالم من الشبهة والحرام فقال صاحب المدخل فليقترض مالا حلالا يحج به فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا انتهى. وفي منسك ابن جماعة الكبير وإن اقترض للحج مالا حلالا في ذمته وله وفاء به ورضي المقرض فلا بأس به انتهى. فهذا لا بد منه أعني رضا المقرض ومع ذلك فهو ورع في حجه غير ورع في قضاء دينه كمن يقترض مالا حلالا لينفقه ويقضيه من مال فيه شبهة وقد ذكر البرزلي طرفا من هذه المسألة في كتاب الغصب فانظره والله أعلم.
الثالث: كما طلب منه أن يكون المال الذي يحج به خالصا من الحرام والشبهة كذلك

الصفحة 501