كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 3)

وفضل على غزو إلالخوف،
__________
الإنسان فيه على خطر عظيم لأنه ربما يظن أن الباعث الأقوى وهو قصد التقرب ويكون الأغلب على سره الحظ النفسي وذلك مما يخفى غاية الخفاء انتهى. والله أعلم. ص: "وفضل حج على غزو إلا لخوف". ش: يعني أن الحج أفضل من الغزو إلا أن يكون خوف فلا يكون أفضل هذا جل كلامه وفي المسألة تفصيل وأصل هذه المسألة في الموازية وفي رسم يوصي من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات من العتبية ونصها سئل مالك عن الغزو والحج أيهما أحب إليك قال الحج إلا أن يكون سنة خوف قيل فالحج والصدقة قال الحج إلا أن تكون سنة مجاعة قيل له فالصدقة والعتق قال الصدقة قال ابن رشد: قوله: إن الحج أحب إلي من الغزو إلا أن يكون خوف معناه في حج التطوع لمن قد حج الفريضة إنما قال ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" ولأن الجهاد وإن كان فيه أجر عظيم إذا لم يكن خوف قد لا يفي أجره فيه بما عليه من السيئات عند الموازنة فلا يستوجب به الجنة كالحج وأما الغزو مع الخوف فلا شك أنه أفضل من الحج التطوع والله أعلم. لأن الغازي مع الخوف قد باع نفسه من الله عز وجل فاستوجب به الجنة والبشرى من الله بالفوز العظيم قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} [التوبة: 111] الآية وإنما قال إن الحج أحب إليه من الصدقة إلا أن تكون سنة مجاعة لأنه إذا كانت سنة مجاعة كانت المواساة عليه بالصدقة واجبة فإذا لم يواس الرجل في سنة مجاعة من ماله بالقدر الذي يجب عليه بالمواساة في الجملة فقد أثم وقدر ذلك لا يعلمه حقيقة فالتوقي من الإثم بالإكثار من الصدقة أولى من التطوع بالحج الذي لا يأثم بتركه وإنما قال إن الصدقة أفضل من العتق لما جاء في الحديث الصحيح من أن ميمونة بنت الحارث أعتقت وليدة لها ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي قال أو فعلت قالت نعم قال أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك وهذا نص من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك برفع مؤنة الاستدلال عليه بالظواهر وبالله التوفيق انتهى.
وللمسألة أربع صور: حج التطوع مع الغزو التطوع في غير سنة الخوف وحج الفرض مع الغزو التطوع في غير سنة الخوف أيضا وحج الفرض مع الغزو والتطوع في سنة الخوف وحج التطوع مع الغزو وفي سنة الخوف أيضا وفهم من كلام ابن رشد حكم الثلاث الأول ثنتان بالمنطوق وواحدة بالأحرورية أما الأولى فقد صرح بحكمها وأن التطوع بالحج أفضل من التطوع بالغزو وهذا هو الراجح وهو قول مالك وروى ابن وهب تطوع الجهاد

الصفحة 507