كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 3)

__________
انتهى من مناسك ابن جماعة وقوله الصدقة أفضل من العتق ظاهر وسيأتي في كفارة الأيمان عن ابن العربي أن الأفضل من الخصال الثلاثة ما تدعو الحاجة إليه فالطعام في الغلاء والعتق في الرخاء فتأمل هل يأتي مثله هنا والله أعلم.
فرع: قال القرافي: الصلاة أفضل من الحج وسيأتي كلامه بكماله وهذا الفرض لا شك فيه أن صلاة واحدة فريضة أفضل من الحج الفرض والتطوع لأنه إذا خيف فواتها سقط وجوبه وأما النافلة فلا يمكن أن يقال من صلى ركعتين أفضل ممن حج حجة تطوع ولا أظن أن أحدا من المسلمين يقوله بل لو فرض أن شخصا خرج لحج التطوع واشتغل آخر بالنوافل من حين خروجه إلى الحج إلى فراغه منه لكان الحج أفضل كما سيأتي في الكلام على الصوم وأما الحج والصوم فلم أر في ذلك نصا أعني في كون أحدهما أفضل من الآخر وذلك إذا كان شخص يكثر الصوم وإذا سافر لا يسطيع الصوم والظاهر أن الحج أفضل لأنه أفضل من الجهاد الذي جعل صلى الله عليه وسلم عدله الصيام الذي لا إفطار فيه والقيام الذي لا فتور فيه مدة خروج المجاهد ورجوعه كما رواه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم ولفظ الموطأ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع" 1 انتهى. وقال الزركشي من الشافعية أفضل العبادات الحج لأنه يشتمل على المال والبدن وأيضا فإنا دعينا إليه في الأصلاب كالإيمان والإيمان أفضل الأعمال فكذلك الحج انتهى. وذكر المحب الطبري في القربى أنه اختلف في أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد على ثلاثة أقوال قال المحب أحدها الصلاة لقول صلى الله عليه وسلم: "واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة" 2 وقوله: "الصلاة خير موضوع" .
الثاني الصوم أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم في الصوم لا مثل له الصوم لي وأنا أجزي به والثالث الحج انتهى.
فرع: قال القرافي: أفضل أركان الحج الطواف لأنه مشتمل على الصلاة وهو في نفسه شبيه بها والصلاة أفضل من الحج فيكون أفضل الأركان فإن قيل قوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" يدل على أفضلية الوقوف على سائر الأركان لأن تقديره معظم الحج وقوف عرفة لعدم انحصاره أي الحج فيه بالإجماع قلنا بل مقدر غير ذلك وهو إدراك الحج عرفة وهو مجمع عليه انتهى.
فرع: قال في المدونة قال ابن القاسم: والطواف للغرباء أحب إلي من الصلاة ولم يكن مالك يجيب في مثل هذا وفي الرسالة والتنفل بالركوع لأهل مكة أحب إلينا من الطواف والطواف للغرباء أحب إلينا من الركوع لقلة وجود ذلك لهم وهذا لمالك في الموازية قال
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب الجهاد باب 2. مسلم في كتاب الإمارة حديث 110. النسائي في كتاب الجهاد باب 1. ابن ماجة في كتاب الجهاد باب 1. الموطأ في كتاب الجهاد حديث 1.
2 رواه ابن ماجة في كتاب الطهارة باب 4. الدارمي في كتاب الوضوء باب 2. الموطأ في كتاب الطهارة حديث 36. أحمد في مسنده (5/277، 280، 282).

الصفحة 511