كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 3)

وركوب
__________
لذكرها عنده فنقول الذي ينقله أكثر أهل المذهب أن المحرم بحج إذا فرغ من طواف القدوم والسعي فهو مطلوب بكثرة الطواف كما تقدم في كلام صاحب المدخل وقال ابن الحاج في مناسكه: ثم يعود إلى التنبيه بعد فراغه من السعي بين الصفا والمروة يبقى على حاله من إحرامه متصرفا في حوائجه مجتنبا لما أمر به في إحرامه وليكثر من الطواف في الليل والنهار بلا رمل ولا سعي بين الصفا لكل أسبوع ركعتين خلف المقام فإنه يستحب كثرة الطواف مع كثرة الذكر انتهى. وقال أيضا في مختصر الواضحة في ترجمة العمل في الطواف فإذا فرغت من السعي بين الصفا والمروة فارجع إلى المسجد الحرام وأكثر من الطواف ما كنت مقيما بمكة ومن الصلاة في المسجد الحرام الفريضة والنافلة انتهى. وهذا صريح في استحباب كثرة طواف له وهو المعروف من المذهب وهو أيضا ظاهر في كلام المصنف في مناسكه لقوله في آخر فصل السعي ثم تعاود التلبية بعد السعي كما تقدم ولتكثر من الطواف في مقامك الخ والله أعلم. ص: "وركوب". ش: يعني أن الركوب في الحج على الإبل والدواب لمن قدر عليه أفضل من المشي لأنه فعله صلى الله عليه وسلم ولأنه أقرب إلى الشكر قال في النوادر قال مالك: الحج على الإبل والدواب أحب إلي من المشي لمن يجد ما يتحمل به انتهى. وقال القرطبي لا خلاف في جواز الركوب والمشي واختلف في الأفضل منهما فذهب مالك والشافعي في آخرين إلى أن الركوب أفضل وذهب غيرهم إلى أن المشي أفضل ولا خلاف أن الركوب في الموقف بعرفة أفضل واختلفوا في الطواف والسعي فالركوب عند مالك في المناسك كلها أفضل للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم انتهى. وكلامه الأخير يوهم أن الركوب عند مالك في الطواف والسعي أفضل وليس كذلك بل المشي فيهما عنده من السنن المؤكدة ومن واجبات الحج الذي يجب بتركه دم والله أعلم. وقال المؤلف في مناسكه والركوب لمن قدر عليه أفضل على المعروف لأنه فعله صلى الله عليه وسلم ولأنه أقرب إلى الشكر انتهى.
تنبيهات: الأول: ظاهر إطلاقات أصحابنا أن الركوب أفضل ولو كان الحج من مكة وهو صريح كلام القرطبي من تفسيره المتقدم ذكره.
الثاني: ما ذكرناه من ركوبه صلى الله عليه وسلم هو المعروف ولا يلتفت إلى تصحيح الحاكم حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم حج هو وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة لأن المعروف أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بيت الله الحرام بعد الهجرة إلا حجة الوداع وكان صلى الله عليه وسلم راكبا فيها بلا شك قاله ابن جماعة.
الثالث: اختار اللخمي وصاحب الطراز تفضيل المشي على الركوب للآثار الواردة في

الصفحة 514