كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 3)

__________
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوا ذلك وأول من أحدثه الحجاج ابن يوسف فركب الناس سنته وكأن العلماء في وقته يتركونها ويكرهون الركوب فيها قال الإمام أبو طالب مكي رحمه الله في كتابه وأخاف أن بعض ما يكون من تفاوت الإبل يكون ذلك سببه ثقل ما تحمله ولعله عدل أربعة أنفس وزيادة مع طول المشقة وقلة المطعم وقال ابن مجاهد كان ابن عمر إذا نظر إلى ما أحدث الحجاج من الزي والمحامل يقول الحاج قليل والركب كثير انتهى. وعن إسحاق بن سعيد عن أبيه قال صدرت مع ابن عمر رضي الله عنهما يوم الصدر فمرت بنا رفقة يمانية رحالهم الأدم فقال عبد الله بن عمر من اختار أن ينظر إلى أشبه رفقة وردت الحج العام برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذ قدموا في حجة الوداع فلينظر إلى هذه الرفقة رواه البيهقي انتهى. من منسك ابن جماعة ذكره في فضل حج الماشي وفيه في الباب الرابع ويستحب الحج على الرحل والمقتب دون المحمل لمن قوي على ذلك ولم يشق عليه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أشبه بالتواضع والمسكنة ولا يليق بالحاج غير ذلك وعن أنس رضي الله عنه قال حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة تساوي أربعة دراهم أو تسوي ثم قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة" رواه ابن ماجة وبعث النبي صلى الله عليه وسلم مع عائشة أخاها عبد الرحمن رضي الله عنهما فأعمرها من التنعيم وحملها على قتب رواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم ويروى "أفضل الحج الشعث التفل"1 واختلف علماء السلف في كراهة ركوب المحمل لغير حاجة فقال بعضهم لا بأس به وأكثرهم على الكراهة لما فيه من زي المتكبرين والمترفهين وقال طاوس حج الأبرار على الرحال وقيل أول من اتخذ المحامل الحجاج وعنه قال كنت جالسا عند جابر بن عبد الله إذ مرت بنا رفقة من أهل اليمن قد أحقبوا بالماء والحطب قال جابر رضي الله عنه ما رأيت رفقة أشبهتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء رواه عبد الرزاق انتهى. وفي الترمذي عنه عليه السلام وسئل عن الحاج فقال الشعث التفل انتهى.
تنبيه: والمقتب بالتشديد اسم مفعول من باب التفعل كذا في النسخ التي وقفت عليها ولم أقف من كلام أهل اللغة على استعمال قتب بالتشديد بل الذي في الصحاح والقاموس أقتب بالهمز بالبعير من باب الإفعال وقياسه أن يقال مقتب بالتخفيف كمكرم اسم مفعول من باب الإفعال ولعل المصنف وقف عليه وعلى كل حال فهو على حذف مضاف أي وفضل ركوب على مقتب والمقتب سواء كان بالتشديد أو بالتخفيف هو الذي جعل له قتب والقتب بفتح القاف والمثناة الفوقية رحل صغير على قدر السنام قاله في الصحاح والمحمل قال في القاموس كمجلس واحد محامل الحاج وكسفر جل علاقة السيف انتهى. ورأيت في نسخة حاشية الصحاح عن السيد أن محمل الحاج بكسر الميم الأولى
ـــــــ
1 رواه الترمذي في كتاب تفسير سورة آل عمران باب 6. ابن ماجة في كتاب المناسك باب 6.

الصفحة 517