كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 3)

__________
مع الكبار من الأدب والدين وإعمال الأمة من الواجبات والمندوبات في صحيفته صلى الله عليه وسلم وذكر ابن الحاج الحنبلي في اختيارات ابن تيمية أن إهداء القرب له صلى الله عليه وسلم وهي أعم من القرآن وغيره لا يستحب بل هو بدعة وأنه الصواب المقطوع به ونقل عن ابن مفلح في فروعه أنه قال لم يكن من عادة السلف إهداء الثواب إلى موتى المسلمين بل كانوا يدعون لهم فلا ينبغي الخروج لهم ولم يره من له أجر العامل كالنبي صلى الله عليه وسلم ومعلم الخير بخلاف والد الشخص فإن له أجرا كأجر الولد لأن العامل يثاب على إهدائه فيكون له أيضا مثله كما في الحديث الصحيح " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" قال وأقدم من بلغنا أنه فعل ذلك علي بن الموفق وأنه كان أقدم من الجنيد وأدرك الإمام أحمد وطبقته وعاصره وعاش بعده وأصحابنا إنما قالوا إنه في طبقة الجنيد. وسئل الشيخ عماد الدين بن العطار تلميذ النووي رحمهما الله هل تجوز قراءة القرآن وإهداء الثواب إليه صلى الله عليه وسلم وهل فيه أثر فأجاب بما هذا لفظه أما قراءة القرآن العزيز فمن أفضل القربات وأما إهداؤه للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينقل فيه أثر ممن يعتد به بل ينبغي أن يمنع منه لما فيه من التهجم عليه فيما لم يأذن فيه مع أن ثواب التلاوة حاصل له بأصل شرعه صلى الله عليه أعمال أمته في ميزانه وقد أمرنا الله بالصلاة عليه وحث صلى الله عليه وسلم على ذلك وأمرنا بسؤال الوسيلة والسؤال بجاهه فينبغي أن يتوقف على ذلك مع أن هدية الأدنى للأعلى لا تكون إلا بالإذن انتهى. كلامه قال صاحبنا الشيخ شمس الدين السخاوي تلميذ شيخنا قاضي القضاة ابن حجر في مناقبه التي أفردها أنه سئل عمن قرأ شيئا من القرآن وقال في دعائه اللهم اجعل ثواب ما قرأته زيادة في شرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاب هذا مخترع من متأخري القراء لا أعلم لهم سلفا فيه وقال الشيخ زين الدين عبد الرحمن الكردي في كتاب النصيحة وقع السؤال عن جواز اهداء القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم والجواب أن ذلك شيء لم يرو عن السلف فعله ونحن بهم نقتدي وبذلك نهتدي ثم توسع في هذه المسألة وليته اقتصر على كلامه الأول ولكنه قال وأجاب بعضهم بجوازه بل باستحبابه قياسا على ما كان يهدى إليه في حياته من الدنيا وكما طلب الدعاء من عمر وحث الأمة على الدعاء بالوسيلة عند الآذان وعلى الصلاة عليه ثم قال وإن لم تفعل ذلك فقد اتبعت وإن فعلت فقد قيل به وقال الشيخ زين العابدين خطاب هذه المسألة لا توجد في كلام المتقدمين من أئمتنا وأكثر المتأخرين منع من ذلك.
وقال الشيخ نجم الدين القاضي ابن عجلون: قد توسع الناس في ذلك وتصرفوا عنه بعبارات متقاربة في المعنى كقولهم في صحيفته صلى الله عليه وسلم أو نقدمها إلى حضرته أو زيادة في شرفه وقد تقترن بذلك هيئات تخل بالأدب معه صلى الله عليه وسلم وما ألجأهم إلى ارتكاب ذلك مع أن جميع حسنات الأمة في صحيفته وقد قال صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" قال الذي ينبغي ترك ذلك والاشتغال بما لا ريب فيه كالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة وغير ذلك من

الصفحة 520