كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 3)

__________
والظاهر أنه أراد الأجير بأجرة معينة على عام بعينه إذا صد وأصابه مرض أو أخطأ العدد لأن الإجارة تنفسخ وله من الأجرة بقدر ما بلغ فإن أراد أن يبقى على إجارته وقد تحلل من إحرامه أو بقي محرما فللمتأخرين قولان أحدهما أن ذلك غير جائز لأنه فسخ دين في دين والآخر الجواز لأنهما لم يعملا على ذلك وقد سئل ابن أبي زيد عن ذلك فأجازه وقال لا ينتهي إلى ما قيل لكم إنه فسخ دين في دين إذا لم يعملا عليه لكن لو تحاكما وجبت المحاسبة ووجه من قال إنه فسخ دين في دين أنه لما تعذر الحج في هذا العام انفسخت الإجارة فصارت له دينا في ذمته يؤخذ عنه منافع مؤخرة والقائل بالجواز ويرى هذا النوع أخف من الإجارات الحقيقية ولا يقدر الانفساخ لأنه إنما قبض الأجرة على الحج وقد صار الأمر إليه قال ابن راشد ولو كانت الإجارة على عام غير معين فقد تقدم أن الإجارة لا تنفسخ إذا كان الصبر لقابل لايشق عليه فإن شق عليه فهو بالخيار وجعل ابن عبد السلام وصاحب التوضيح فرض هذه المسألة في الحج المضمون لا على عام بعينه والصواب ما قاله ابن راشد لمساعدة النقل له وما عللا به القول الأول يوضح أنها إجارة على عام بعينه انتهى. وعلم منه ترجيح القول بالجواز.
قلت: وعليه شيء مشى المؤلف فأطلق في قوله: والبقاء لقابل ولم يقيده بكون العام غير معين إلا أنه إذا كان العام غير معين كان الخيار للأجير وإذا كان العام معينا لم يكن له البقاء إلا باتفاق الأجير والمؤجر ومن طلب منهما الفسخ قضى له به كما تقدم في كلام ابن فرحون وأما في إجارة البلاغ فله النفقة إلى المكان الذي صد فيه وله النفقة في رجوعه منه فإن حصر بعدما أحرم واستمر على إحرامه بعد الحصر وإمكان التحلل قال سند: فلا نفقة له ذلك بعد إمكان التحلل لأنهم لم يرضوا بذلك ولا اقتضاه العقد ولا يوجبه لكن إن حج من عامه كانت له الأجرة على ما اتفقوا عليه وإن بقي حتى فاته الحج وقد كان أحرم وسار إلى البيت وقد زال الحصر ليتحلل بالعمرة فلا نفقة له في ذلك فإن تحلل وبقي بمكة حتى حج من قابل أو بقي على إحرامه لقابل فلا شيء له إن كانت الإجارة على عامه الأول بعينه وإن كانت على مطلق الحج من غير تعيين عام بعينه فهذا يسقط من نفقته ويوم أمكنه أن يتحلل فإن سار إلى مكة بنية البقاء إلى قابل فله نفقة سيره ولا نفقة له في مقامه بمكة حتى يأتي الوقت الذي أمكنه فيه التحلل من العام الأول ويذهب بعد ذلك قدر ما سار فيه إلى مكة فيكون له النفقة فيما بعد ذلك فإن سار إلى مكة بنية أنه يتحلل فلا نفقة له في سيره لأنه إنما سار لمنفعة نفسه لما تأخر تحلله عن موضع الحصر فإذا كان من قابل خرج إلى الموضع الذي تحلل منه بالعمرة وهو الموضع الذي أحصر فيه فيحرم منه بالحج والأحسن أن يحرم من الميقات إن كان أبعد منه ونفقته فيما زاد على الموضع الذي أحصر فيه إلى الميقات في ماله لأنها زيادة خارجة عن العقد وإنما وقعت بحكم العبادة لا بحكم الإجارة وكذلك إن خرج قبل الوقت الذي كان له أن يتحلل فيه تكون نفقته في ماله إلى ذلك الوقت وله النفقة في رجوعه محرما انتهى. مختصرا وأما إن أخذ المال على الجعالة ثم أحصر فإن تحلل فلا

الصفحة 529