كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 3)
فصل
الشرط الخامس: الاستطاعة وهو أن يملك زادا وراحلة
ـــــــ
فصل
"الشرط الخامس الاستطاعة" لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [ آل عمران: 97] ولأن الخطاب إنما هو للمستطيع لأن "من" بدل من "الناس" فتقديره ولله على المستطيع لانتفاء تكليف مالا يطاق شرعا وعقلا.
"وهو أن يملك زادا وراحلة" نص عليه لما روى ابن عمر قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما يوجب الحج؟ قال: "الزاد والراحلة" رواه الترمذي وقال العمل عليه عند أهل العلم.
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن السبيل؟ فقال: "الزاد والراحلة" وكذا رواه جابر وعبد الله بن عمر وعائشة عنه رواه الدارقطني.
ولأنه عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة فكان ذلك شرطا كالجهاد وليس هو شرطا في الصحة والإجزاء فإن خلقا من الصحابة حجوا ولا شيء لهم ولم يؤمر أحد منهم بالإعادة ولأن الاستطاعة إنما شرطت للوصول فإذا وصل وفعل أجزأه كالمريض وظاهره أنه إذا لم يستطع وأمكنه المشي والتكسب بالصنعة أنه لا يلزمه واعتبر ابن الجوزي الزاد والراحلة لمن يحتاجهما وفي "الرعاية": وقيل من قدر أن يمشي عن مكة مسافة القصر لزمه الحج والعمرة لأنه مستطيع فإن كان عادته السؤال والعادة إعطاؤه فللمالكية قولان وعندنا يكره لمن حرفته السؤال قال أحمد فيمن يدخل البادية بلا زاد ولا راحلة لا أحب له ذلك يتوكل على أزواد الناس ويعتبر الزاد مطلقا إن احتاج إليه وكونه ملكه فلو وجده في المنازل لم يلزمه حمله وإلا لزمه سواء وجده بثمن مثله أو بزيادة كماء الوضوء والقدرة على وعاء الزاد لأنه لا بد منه.