كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 3)
فاشترى منهم وباع لهم فلهم الخيار إذا هبطوا السوق وعلموا أنهم غبنوا غبنا يخرج عن العادة.
ـــــــ
من السفر، وإن كانوا مشاة "فاشترى منهم" اقتصر عليه في "الخرقي" و"المحرر" فيحتمل قصر الحكم عليه، والمذهب عندنا: لا فرق، كما ذكره المؤلف.
"وباع لهم، فلهم الخيار إذا هبطوا السوق، وعلموا أنهم غبنوا غبنا يخرج عن العادة" هذا بيع مكروه صحيح في قول الجماهير لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار" رواه مسلم.
وثبوت الخيار لا يكون إلا في صحيح والنهي لا يرجع لمعنى البيع وإنما يعود لضرب من الخديعة يمكن استدراكه بالخيار أشبه المصراة وقوة كلام كثير من الأصحاب يقتضي الحكم بقصد التلقي فلو خرج بغير قصد فوافاهم واشترى منهم لم يحرم ذلك وهو احتمال في "المغني" و"الشرح"، وقال القاضي لا فرق بين القصد وعدمه وذكره في "الفروع" المنصوص، وذكر في "التلخيص" و"الفروع" أنه لا فرق بين البائع والمشتري في ذلك ولكن النص عن أحمد إنما هو في البائع لظاهر الأخبار فعليه يثبت الخيار مع الغبن لأنه إنما ثبت لدفع الضرر عن البائع ولا ضرر مع الغبن.
وعنه: يثبت لهم الخيار مع عدمه وهو ظاهر الخبر وقدره بما يخرج عن العادة لأن الشرع لم يرد بتحديده فيرجع فيه إلى العرف كالقبض وظاهر "الخرقي": يثبت فيه وإن قل قاله في "الشرح": وفيه شيء لأن مثل ذلك يتسامح به عادة.
وقال أبو بكر وابن أبي موسى: يقدر بالثلث لأنه كثير وقيل بالسدس لأن الخيار لو ثبت بأقل من ذلك لأدى إلى بطلان كثير من العقود.
فائدة: مقتضى النهي عن تلقي الركبان إما أن يكذب في سعر البلد فيكون غارا غاشا أو يسكت فيكون مدلسا خادعا فلو صدق في السعر فهل يثبت للركبان الخيار لعموم النهي أو لا لانتفاء الخديعة فيه احتمالان.