كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 3)

وصفة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها،
ـــــــ
بينهما أي فعل الحج بعدها ويسمى قرانا لغة.
وحاصله أن التمتع أفضل لكثرة الأخبار به وصحتها وصراحتها مع أنه قوله وهو مقدم على فعله لاحتمال اختصاصه به. وقد روي عنه عليه السلام أنه كان متمتعا فروى سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وتمتع الناس معه. وعن عروة عن عائشة مثله وأمر ابن عباس بها وقال سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم متفق عليهن لكن قال أحمد لا أشك أنه كان قارنا والمتعة أحب إلي وفيه أحاديث قال الشيخ تقي الدين وعليه متقدمو الصحابة وهو باتفاق علماء الحديث وفيه نظر.
"وصفة التمتع: أن يحرم بالعمرة" كذا أطلقه جماعة منهم في "المحرر" و"الوجيز" وأحرم آخرون من الميقات أي ميقات بلده "في أشهر الحج" نص عليه لأن العمرة عنده في الشهر الذي يهل بها فيه وروي معناه بإسناد جيد عن جابر لا الشهر الذي يحل منها فيه لأنها لو لم يحرم بها في أشهر الحج لم يجمع بين النسكين فيه ولم يكن متمتعا كالمفرد.
"ويفرغ منها" قاله معظم الأصحاب ومعناه يتحلل منها قاله في "المستوعب" لأنه لو أحرم بالحج قبل التحلل من العمرة لكان قارنا واجتماع النسكين ممتنع وفيه نظر ولم يذكر الفراغ منها في "المحرر" و"المغني" وذكر أن صفتها أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يحج من عامه لقوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] أي: فمن تمتع بالعمرة توصلا بها إلى الحج فعلى قوله هنا المراد به التمتع الموجب للدم ومن هنا قلنا إن تمتع حاضري المسجد الحرام صحيح على المذهب. وقال ابن أبي موسى لا متعة لهم وحكى رواية ومعناه ليس عليهم دم متعة لأن المتعة له لا عليه. قال الزركشي وقد يقال إن هذا من الإمام بناء على أن العمرة لا تجب عليهم فلا متعة عليهم أي الحث كافيهم.

الصفحة 58