كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (اسم الجزء: 3)

وإلى هذا الحديثِ رَجَعَ مالكٌ في اختيارِه، وقد كان أوَّلًا يأخذُ بحديثِ صالح، عن من لَم يسمِّه: "أنَّ الإمام يسلِّم بالطائفة الثانية" ثم قال: "يكون قضاؤُهم بعدَ السلاَمِ أحبُّ إليَّ". يعني الطائفةَ الثانيةَ خاصَّة، وأما الأولى فإنَّها تُسَلِّم عند فراغِها قبلَ الإمامِ في كلاَ الروايتين عن صالِح (١).
وقد ساوَى ابنُ عمر بينهما في روايته، وذَكَر أنَّ الكلَّ قَضَوا بعدَه.
وقال إسحاق بنُ راهويه: "ثبتَتِ الرِّواياتُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاةِ الخَوفِ، وهذا على قَدْرِ الخوف، ورَأْيي أنَّ كلَّ ما رُويَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخَوف فهو جائِزٌ، ولَسْنَا نختارُ حديث سهل بن أبي حثمة على غيرِه". حكاه الترمذي (٢).
وقد تقدَّم حديث ابن عمر (٣)، وانظر حديثَ من لَم يُسَمَّ في المبهمين (٤).
فصل: ذَكَر الواقديُّ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قُبض وسَهلُ بن أبي حثمة ابنُ ثمانِي سِنينَ (٥).
---------------
(١) انظر: الموطأ (١/ ١٦٥ - رواية يحيى الليثي-)، المدوّنة (١/ ١٥٠)، التمهيد (١٥/ ٢٦١).
(٢) السنن (٢/ ٤٥٤)، ونقل أيضًا عن الإمام أحمد قوله: "قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف على أوجه، وما أعلم فِي هذا الباب إلاَّ حديثًا صحيحًا، وأختار حديثَ سهل بن أبي حثمة".
وقال الترمذي: سألت محمدًا، فقلت: "أي الروايات في صلاة الخوف أصح؟ فقال: كلُّ الروايات عندي صحيح، وكلٌّ يُستعمل، وإنَّما هو على قدر الخوف، إلاَّ حديث مجاهد عن أبي عياش فإنِّي أراه مرسلًا". العلل الكبير (١/ ٣٠١). وانظر: المغني (٣/ ٣١١).
(٣) تقدم حديثه (٢/ ٤٥٩).
(٤) سيأتي حديثه (٣/ ٥٩٧).
(٥) الطبقات الكبرى (٢/ ٢٤٧ - الطبقة الخامسة من الصحيحة-) وزاد: "وقد حفظ عنه".
وهذا قول الطبري وابن حبان وأكثر أهل السير.
انظر: الثقات (٣/ ١٦٩)، فتح الباري لابن رجب (٨/ ٣٨١)، وسيأتي النقل عن ابن القطان وابن حجر في ذلك.

الصفحة 122