كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (اسم الجزء: 3)

وظاهِرُ هذا أنَّ الصُّنْعَ عندَه بِمعنَى الأَمْرِ (١).
وقال عبد الله بن عمر في حديث طويل: "تَمتَّعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوداع بالعمرةِ إلى الحج، وبدأ فأَهَلَّ بالعمرةِ ثمّ أهلّ بالحج ... "، وذَكر طوافَه وسعيَه ثم قال: "ولَم يَحْلِلْ من شيءٍ حَرُمَ منه حتى قَضَى حَجَّه ونَحَرَ هديَه وأفاض". خُرِّج في الصحيحين (٢).
وفي آخِر الحديث عن عائشةَ مثلُ ذلك مُحالًا عليه (٣)، وآخِرُ هذا الكلامِ يُفسِّرُ أوَّلَه ويُبَيِّنُ أنَّ قولَه: "تَمَتَّع" تَجَوُّزٌ، بمعنى: أَمَرَ بالمتُعةِ، أو سَمَّى القِرانَ تَمَتُّعًا لإِدخالِ العمرةِ في الحَجِّ.
وجاء عن ابن عمر أيضًا: أنَّه دخل مكةَ قارِنًا فطاف طوافًا واحدًا وسَعَى سعيًا واحدًا بِحَجَّةٍ وعمرةٍ ثم قال: "هكذا رَأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ حين قَرَن". خَرَّجه الدارقطني (٤).
وفي هذا دليلٌ على أنَه أراد بقوله: "تَمَتَّعَ" قرَن عمرةً مع حَجَّتِه أو أَمَر بالمُتعةِ.
---------------
(١) ويدل عليه ما أخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٥١) عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم قال: سئل ابن عمر عن متعة الحج، فأمر بها، وقال: "أحلّها الله تعالى، وأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الحج باب: من ساق البدن معه (٢/ ٥٢٢) (رقم: ١٦٩١)،
ومسلم في صحيحه كتاب: الحج باب: وجوب الدم على المتمتع .. (٢/ ٩٠١) (رقم: ١٢٢٧).
(٣) صحيح البخاري (برقم: ١٦٩٢)، وصحيح مسلم (برقم: ١٢٢٨).
(٤) السنن (٢/ ٢٥٧) (رقم: ٩٦) من طريق عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو عوانة في صحيحه (ص: ٣٣٨ - تحقيق أيمن الدمشقي-).
وسنده صحيح.

الصفحة 82