كتاب غاية المقصد فى زوائد المسند (اسم الجزء: 3)

2874 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَصْرِىُّ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَهُمْ يَقُولُونَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ بِنَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ أَوْسَعُوا لَنَا، فَقَعَدْنَا فَرَحَّبَ بِنَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ وَزَعِيمُكُمْ؟ فَأَشَرْنَا بِأَجْمَعِنَا إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ عَائِذٍ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: أَهَذَا الأَشَجُّ؟ وَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ عَلَيْهِ هَذَا الاِسْمُ لضَرْبَةٍ لِوَجْهِهِ بِحَافِرِ حِمَارٍ، قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَتَخَلَّفَ بَعْدَ الْقَوْمِ فَعَقَلَ رَوَاحِلَهُمْ وَضَمَّ مَتَاعَهُمْ ثُمَّ أَخْرَجَ عَيْبَتَهُ فَأَلْقَى عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى صلى الله عليه وسلم وَقَدْ بَسَطَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم رِجْلَهُ وَاتَّكَأَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الأَشَجُّ أَوْسَعَ الْقَوْمُ لَهُ وَقَالُوا: هَاهُنَا يَا أَشَجُّ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَوَى قَاعِدًا وَقَبَضَ رِجْلَهُ: هَاهُنَا يَا أَشَجُّ فَقَعَدَ عَنْ يَمِينِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَحَّبَ بِهِ وَأَلْطَفَهُ، وَسَأَلَهُ عَنْ بِلاَدِهِ وَسَمَّى لَهُ قَرْيَةً قَرْيَةً الصَّفَا، وَالْمُشَقَّرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ قُرَى هَجَرَ فَقَالَ: بِأَبِى وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَعْلَمُ بِأَسْمَاءِ قُرَانَا مِنَّا فَقَالَ: إِنِّى قَدْ وَطِئْتُ بِلاَدَكُمْ وَفُسِحَ لِى فِيهَا قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَكْرِمُوا إِخْوَانَكُمْ فَإِنَّهُمْ أَشْبَاهُكُمْ فِى الإِسْلاَمِ أَشْبَهُ شَيْئًا بِكُمْ أَشْعَارًا وَأَبْشَارًا أَسْلَمُوا طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ وَلاَ مَوْتُورِينَ إِذْ أَبَى قَوْمٌ أَنْ يُسْلِمُوا حَتَّى قُتِلُوا قَالَ: فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحُوا قَالَ: كَيْفَ رَأَيْتُمْ كَرَامَةَ إِخْوَانِكُمْ لَكُمْ وَضِيَافَتَهُمْ إِيَّاكُمْ؟، قَالُوا: خَيْرَ إِخْوَانٍ أَلاَنُوا فِرَاشَنَا وَأَطَابُوا مَطْعَمَنَا، وَبَاتُوا وَأَصْبَحُوا يُعَلِّمُونَا كِتَابَ رَبِّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، فَأَعْجَبَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَفَرِحَ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَجُلاً رَجُلاً فَعَرَضْنَا عَلَيْهِ مَا تَعَلَّمْنَا وَعَلِمْنَا، فَمِنَّا مَنْ عَلِمَ التَّحِيَّاتِ وَأُمَّ الْكِتَابِ وَالسُّورَةَ وَالسُّورَتَيْنِ وَالسُّنَنَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ أَزْوَادِكُمْ شَىْءٌ؟ فَفَرِحَ الْقَوْمُ بِذَلِكَ وَابْتَدَرُوا رِحَالَهُمْ، فَأَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعَهُ صُرَّةٌ مِنْ تَمْرٍ فَوَضَعُوهَا عَلَى نِطْعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَوْمَأَ بِجَرِيدَةٍ فِى يَدِهِ كَانَ يَخْتَصِرُ بِهَا فَوْقَ الذِّرَاعِ وَدُونَ الذِّرَاعَيْنِ، فَقَالَ: أَتُسَمُّونَ هَذَا التَّعْضُوضَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى صُرَّةٍ أُخْرَى فَقَالَ: أَتُسَمُّونَ هَذَا الصَّرَفَانَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى صُرَّةٍ فَقَالَ: أَتُسَمُّونَ هَذَا الْبَرْنِىَّ قُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَا إِنَّهُ خَيْرُ تَمْرِكُمْ وَأَنْفَعُهُ لَكُمْ قَالَ: فَرَجَعْنَا مِنْ وِفَادَتِنَا تِلْكَ فَأَكْثَرْنَا -[110]- الْغَرْزَ مِنْهُ وَعَظُمَتْ رَغْبَتُنَا فِيهِ حَتَّى صَارَ مُعْظَمَ نَخْلِنَا وَتَمْرِنَا الْبَرْنِىُّ، فَقَالَ الأَشَجُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ ثَقِيلَةٌ وَخِمَةٌ وَإِنَّا إِذَا لَمْ نَشْرَبْ هَذِهِ الأَشْرِبَةَ هِيجَتْ أَلْوَانُنَا، وَعَظُمَتْ بُطُونُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ تَشْرَبُوا فِى الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ وَلْيَشْرَبْ أَحَدُكُمْ فِى سِقَاءٍ يُلاَثُ عَلَى فِيهِ فَقَالَ لَهُ الأَشَجُّ: بِأَبِى وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ رَخِّصْ لَنَا فِى مِثْلِ هَذِهِ وَأَوْمَأَ بِكَفَّيْهِ، فَقَالَ: يَا أَشَجُّ إِنِّى إِنْ رَخَّصْتُ لَكَ فِى مِثْلِ هَذِهِ، وَقَالَ: بِكَفَّيْهِ هَكَذَا، شَرِبْتَهُ فِى مِثْلِ هَذِهِ، وَفَرَّجَ يَدَيْهِ، وَبَسَطَهَا، يَعْنِى أَعْظَمَ مِنْهَا، حَتَّى إِذَا ثَمِلَ أَحَدُكُمْ مِنْ شَرَابِهِ قَامَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ فَهَزَرَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ وَكَانَ فِى

الصفحة 109