كتاب غاية المقصد فى زوائد المسند (اسم الجزء: 3)

2709 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِى أَبِى، حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَا نَصَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِى مَوْطِنٍ كَمَا نَصَرَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنِى -[36]- وَبَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كِتَابُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِى يَوْمِ أُحُدٍ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} ، يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسُّ الْقَتْلُ: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران] ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرُّمَاةَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَهُمْ فِى مَوْضِعٍ ثُمَّ قَالَ: احْمُوا ظُهُورَنَا فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ فَلاَ تَنْصُرُونَا، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلاَ تَشْرَكُونَا فَلَمَّا غَنِمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَاحُوا عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ أَكَبَّ الرُّمَاةُ جَمِيعًا فَدَخَلُوا فِى الْعَسْكَرِ يَنْهَبُونَ، وَقَدِ الْتَقَتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُمْ كَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ وَالْتَبَسُوا، فَلَمَّا أَخَلَّ الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخَلَّةَ الَّتِى كَانُوا فِيهَا دَخَلَتِ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَبَسُوا وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واجبان أَوَّلُ النَّهَارِ، حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ وَلَمْ يَبْلُغُوا حَيْثُ يَقُولُ النَّاسُ: الْغَارَ إِنَّمَا كَانُوا تَحْتَ الْمِهْرَاسِ وَصَاحَ الشَّيْطَانُ قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَلَمْ يُشَكَّ فِيهِ أَنَّهُ حَقٌّ، فَمَازِلْنَا كَذَلِكَ مَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ حَتَّى طَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ السَّعْدَيْنِ نَعْرِفُهُ بِتَكَفُّئِهِ إِذَا مَشَى، قَالَ: فَفَرِحْنَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْنَا مَا أَصَابَنَا، قَالَ: فَرَقِىَ نَحْوَنَا وَهُوَ يَقُولُ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِهِ قَالَ: وَيَقُولُ مَرَّةً أُخْرَى: اللَّهُمَّ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا فَمَكَثَ سَاعَةً، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يَصِيحُ فِى أَسْفَلِ الْجَبَلِ: اعْلُ هُبَلُ مَرَّتَيْنِ، يَعْنِى آلِهَتَهُ، أَيْنَ ابْنُ أَبِى كَبْشَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أُجِيبُهُ؟ قَالَ: بَلَى فَلَمَّا قَالَ: اعْلُ هُبَلُ، قَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ قَدْ أَنْعَمَتْ عَيْنُهَا أَوْ فَعَالِ عَنْهَا فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ أَبِى كَبْشَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا رَسُولُ -[37]- اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَهَا أَنَا ذَا عُمَرُ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، الأَيَّامُ دُوَلٌ وَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لاَ سَوَاءً قَتْلاَنَا فِى الْجَنَّةِ وَقَتْلاَكُمْ فِى النَّارِ، قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ ذَلِكَ لَقَدْ خِبْنَا إِذَنْ وَخَسِرْنَا، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَوْفَ تَجِدُونَ فِى قَتْلاَكُمْ مُثْلاً وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ عَنْ رَأْىِ سَرَاتِنَا، قَالَ: ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَاكَ وَلَمْ نَكْرَهُّ.
* * *

الصفحة 35