كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

واعلم أنَّه قد ورد في هذا الباب حديث خباب بن الأرت: "شَكَوْنَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرَّمْضاءِ في جبَاهنا وأكفنا فلم يشكنا" (¬1) رواه الحاكم في "الأربعين" له من حديث ابن وهب، ورواه البيهقي أيضًا من هذا الوجه، ومن طريق زكريا بن أبي زائدة (¬2)، وأخرجه (أ) مسلم (¬3) بغير لفظ: "حرّ" وبغير لفظ "جباهنا وأكفنا" وهو معار ضبحديث أنس: "فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهتَهُ مِن الأرض بَسَطَ ثوْبَه فسجد عليه" (¬4)، وهو يدل على أنَّهم عند الحاجة يتقون الحُر وعند السعة يباشرون الأرض بجباههم، فيمكن حمل الحديث بأن الشكاية إنما كانت لأجل تأخير الصلاة حتَّى يبرد الحر لا لأجل السجود على الحائل، إذ لو كان كذلك لأمرهم بالحائل المنفصل كما كان يصلي على الخمرة.
وعلق البُخَارِيّ (¬5) عن الحسن: "كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرَّجل منهم على عمامته"، ووصله البيهقي (¬6) وقال: هذا أصح ما في السجود موقوفًا على الصَّحَابَة، وأخرج أبو داود في "المراسيل" (¬7): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسجد على جبهته وقد اعتمّ على جبهته فحسر عن جبهته، وعن عياض بن عبد الله
¬__________
(أ) في جـ: وأخرج.
__________
(¬1) البيهقي 1/ 438.
(¬2) البيهقي 2/ 104 - 105.
(¬3) مسلم 1/ 433 ح 189 - 619، 190 - 619.
(¬4) مسلم 1/ 433 ح 191 - 620، وبمعناه البُخَارِيّ 1/ 492 ح 358.
(¬5) بلفظ: "كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه" ووصله عبد الرَّزّاق بلفظ: (لا بأس بالسجود على كور العمامة). المصنف 1/ 399 ح 1563.
(¬6) البيهقي 3/ 106.
(¬7) المراسيل 130 ح 78.

الصفحة 107