كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

وقال ابن عبد البرّ: كلّ مَنْ نقل عنه الإيجاب لا يبطل الصّلاة بتركه، إلا في رواية عن الأوزاعي والحميدي، ونقل بعض (¬1) الحنفية عن الإمام أبي حنيفة أنه يأثم تاركه] (أ)، وقد تؤول قول النووي بأنه أراد إجماع من سلف قبل المخالفين، أو أنّ الاستحباب لا ينافي الوجوب.
وقال ابن عبد البرّ: أجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصّلاة، وهو منقوض بما تقدّم والجواب كما تقدّم.
قال المصنِّف رحمه الله تعالى (¬2) -: ونقل العبدريّ عن الزيدية أنه لا يرفع (ب)، قال: وفي رواية عن مالك أنه لا يستحب، نقله صاحب: "التبصرة" منهم، وحكاه (جـ) الباجيّ عن كثيرٍ مِنْ متقدميهم، انتهى كلامه.
وأقول: وفي حكايته عن الزيدية الجميع نظر فإن القول بعدم الرفع إنّما هو للهادي ورواية عن القاسم (¬3)، وقال زيد بن علي (¬4) والمؤيد بالله ورواية عن القاسم، والناصر والإمام يحيى: يستحب رفع اليدين للافتتاح، واحتج القائلون به بهذا الحديث وغيره من سائر الأحاديث الواردة في ذلك من الطرق الصحيحة المعتبرة، حتّى قال المصنِّف رحمه الله (¬5): عددت من روى
¬__________
(أ) في هامش الأصل: وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.
(ب) زاد في هامش جـ (ولا يعتد بخلافهم)، وهي موجودة في الفتح 2/ 219.
(جـ) في جـ: وحكى.
__________
(¬1) إنّه لا يرفع يديه إلا لتكبيرة الإحرام، وله قال الثّوريّ وابن أبي ليلى.
(¬2) الفتح 2/ 219.
(¬3) البحر 1/ 239.
(¬4) البحر 1/ 240.
(¬5) ذكر ابن حجر في الفتح أنّ شيخه أبا الفضل العراقي تتبع من رواه من الصّحابة فبلغوا خمسين رجلا، وذكر الحاكم وأبو القاسم في مسنده ممّن رواه العشرة المبشرون بالجنة.

الصفحة 21