كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

الإشارة عند التسليم بعيد إذ قال "أيْدِيَكُمْ" ولم يقل "أَصَابِعَكمْ" ولضعف التشبيه معه انتهى (¬1).
وهو يريد أنّ تشبيه الأيدي بأذناب الخيل الشّمس في حال الإشارة وقت السّلام ضعيف لبُعْد المشابهة، بخلاف رفعها عند التكبير فهو ظاهر وجه الشبه، وهو محل تأمَل، والله أعلم.
وقوله: "حَذو منكبيه" -بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة أي: مقابلها، والمَنْكب مجمع عظم العضد والكتف (¬2)، وبهذا أخذ الشّافعيّ (¬3) والجمهور، وذهب الحنفية (¬4) إلى أنه ترفع حتّى تحاذي بهما فروع أذنيه لحديث مالك بن الحويرث الآتي (¬5)، وعند أبي داود من حديث وائل بن حجر بلفظ: "حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ" (¬6)، ورجح الأوّل بكون إسناده أصح، وروي أبو ثَوْر عن الشّافعيّ أنه جمع بينهما، فقال: يحاذي بظهر كفيه المنكبين وبأطرافِ أنامله الأُذُنَين (¬7)، ويؤيده رواية أخرى عن وائل عند أبي داود: "حتّى كَانتْ حيَالَ مَنْكَبَيْه وحَاذَي بإبْهَامِيهِ أُذُنَيْهِ" (¬8)، وبهذا قال المتأخرون من المالكية فيما حكاه ابن سابق في "الجواهر"، لكن روي مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه حذو منكبيه في الافتتاح
¬__________
(¬1) بل رواية مسلم المتقدمة تدل على خلاف ما قال المهدي في البحر، وأن المراد عند السّلام.
(¬2) مختار الصحاح 47.
(¬3) المجموع 3/ 243، وعند أحمد أنه يتخير بينهما ولا فضيلة لأحدهما، المغني 1/ 470.
(¬4) الهداية 1/ 280.
(¬5) وهو: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كبر رفع يديه حتّى يحاذي بهما أذنيه، وإذا ركع ... وإذا رفع رأسه ... ، فعدل مثل ذلك" مسلم 1/ 294 ح 25 - 391 م.
(¬6) أبو داود 1/ 465 ح 726.
(¬7) المجموع 1/ 247، فقه أبي ثور 214.
(¬8) أبو داود 1/ 464 ح 723.

الصفحة 24