كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

أيضًا لمعان أُخَر، والأولى جَعْلهما (أ) بمعنى واحد، لأن مخرج الحديث واحد، فإذا اختلف في بعض ألفاظه وأمكن ردها إلى معنى واحد كان أولى.
وقد استدل به من قال: إن ما أدركه مع الإمام آخر صلاته، وهو أبو حنيفة ومالك (¬1) وزيد بن علي وغيرهم، وذهب الجمهور (¬2) إلى أن (ب) ما أدركه أول صلاته، بدليل أن تكبيرة الإحرام إنما تكون في أول الصلاة، وأنه في آخر صلاته يتشهد التشهد الأخير قبل التسليم اتفاقًا، وقول ابن بطال (¬3): إنه ما تشهد إلا لأجل السلام، لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد، ليس بالجواب الناهض.
وقال الجمهور من العلماء القائلين بأن ما أدرك هي أول صلاته: إنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين، والحجة على ذلك ما أخرجه البيهقي: "ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك واقض ما سبقك به من القرآن" (¬4)، وعن إسحق والمزني: لا تقرأ إلا أم القرآن فقط. وهو القياس.
واستدل بالحديث على أن مَنْ أدرَكَ الإمامَ رَاكعًا لم تُحْسَب تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته لأنه فاته القيام والقراءة فيه، وهو قول أبي هريرة
¬__________
(أ) في جـ: جعلها.
(ب) في هـ: أنه.
__________
(¬1) المدونة 1/ 96.
(¬2) الأئمة الثلاثة أن ما أدركه آخر صلاته وما يتداركه أول صلاته (أي يصليه منفردًا) أما الشافعي وبعض السلف فهم الذين جعلهم المؤلف جمهورًا تبعًا للحافظ ابن حجر، فليتنبه.
(¬3) شرح ابن بطال، باب ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
(¬4) البيهقي 2/ 298 من حديث الحارث عن علي وهو ضعيف.

الصفحة 356