قوله: "إِذا خرج": ظاهره في أنه إذا كان قصده مسافرة، هذا القدر، لا أنه إذا أراد السفر الطويل، فلا يقصر إلا بعد هذه المسافة.
وقوله: "ثلاثة أميال أو فراسخ": الشك من شعبة وليس التخيير في أصل الحديث، والمِيل (¬1): هو المحل المتسع من الأرض، مأخوذ من ميل النظر لأنه يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه، وبهذا حده الجوهري، وقيل: حده أن ينظر إلى الشخص في أرض مستويه فلا يدري أهو رجل أم امرأة أو غير ذلك، وقال النووي: هو ستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرون إصبعًا معترضة متعادلة، والإصبع ست شعيرات معترضة متعادلة، وتيل: هو اثنا عشر ألف قَدَم بقدم الإنسان، وقيل: هو أربعة آلاف ذراع، وقيل: بل ثلاثة آلاف ذراع، وقيل: وخمسمائة، وبنى على هذا ابن عبد البر، وقيل: هو ألفا ذراع، وقيل: ألف خطوة للجَمل، وقيل: ثلاثة آلاف ذراع بالذراع الهاشمي (¬2)، وهو اثنان وثلاثون إصبعًا وهو ذراع الهادي، وهو الذراع العمري المعمول عليه في صنعاء وبلادها في تاريخ سنة تسعين وألف سنة.
والفرسخ: ثلاثة أميال، وهو فارسي معرّب، وقد ذهب إلي العمل بظاهر هذا الحديث أهلُ الظاهر فقالوا: يقصر في ثلاثة أميال، ورُد عليهم بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به وهو مستقيم في أنه لا يحتج به في الثلاثة الأميال،
¬__________
(¬1) الميل بالكسر عند العرب، مقدار مدى البصر من الأرض، قاله الأزهري، وعند القدماء من أهل الهيئة: ثلاثة آلاف ذراع، وعند المحدثين أربعة آلاف ذراع، والخلاف لفظي لأنهم اتفقوا على أن مقداره ست وتسعون ألف إصبع، والإصبع ست شعيرات بطن كل واحدة إلى الأخرى، القاموس 4/ 54، المجموع 4/ 190، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 146.
(¬2) الفتح 2/ 576.