كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

العشاء قال: "وأنا أظنه" (¬1)، قال ابن سيد الناس: وراوي هذا الحديث أدري بالمراد من غيره، وإن كان أبو الشعثاء لم يجزم بذلك، فقد روى عنه أن ذلك لعذر المطر، وأقول: إنه يتعين هذا التأويل، فإنه صَرَّحَ به النسائي (¬2) في أصل حديث ابن عباس ولفظه: قال: "صليتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ثمانيا جميعًا، وسبعًا جميعًا، وأخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء.
والعجب من النووي كيف ضَعَّفَ (¬3) هذا التأويل وغفل عن متن الحديث المروي، والمطلق في رواية يحمل (أ) على المقيد إذا كان في قصة واحدة، [والقول بأن قوله: أراد أن لا يحرج أمته يضعف الجمع الصوري لوجود الحرج فيه مدفوع بأن في ذلك تيسير أمر التوقيت، إذ يكفي للصلاتين تأهُّب واحد، وقصْد واحد إلى المسجد، ووضوء واحد، بحسب الأغلب بخلاف الوقتين، فالحرج لا شك فيه أخف (¬4)] (ب).
وأما قياس الحاضر على المسافر كما تقدم عن أبي طالب فيخدش فيه
¬__________
(أ) تقدمت في هـ: على قوله "في رواية".
(ب) بهامش الأصل.
__________
(¬1) البخاري 3/ 51 ح 1174، مسلم 1/ 491 ح 55 - 705 م.
(¬2) النسائي 1/ 234، وليس عده أخر الظهر .. إلخ، إنما عند البخاري من كلام عمرو وتأييد جابر راوي الحديث 3/ 51 ح 1174.
(¬3) شرح مسلم 2/ 359.
(¬4) قلت: أراد الشارح أن يثبت الجمع الصوري وقبله رجحّه الحافظ في "الفتح" وغيره. قال شيخنا عبد العزيز بن باز: والصواب حمل الحديث المذكور على أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلوات المذكورة لمشقة عارضة ذلك اليوم من مرض غالب أو برد شديد أو وصل، ويدل على ذلك قول ابن عباس لما سئل قال: "لئلا يحرج أمته". وهو جواب عظيم سديد شاف. حاشية الفتح 2/ 24.

الصفحة 394