احتج أحمد بهذا الحديث مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلّى أحدُكم فليقل: التحيات لله" (¬1)، والأمر للوجوب، واحتج أبو حنيفة والأكثر (أ) بأن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ترك التشهد الأوّل وجبره بسجود السّهو، ولو وجب لم يصح جبره كالركوع وغيره من الأركان. قالوا: وإذا ثبت هذا في الأوّل فالأخير مثله، (ب) لأن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمه الأعرابي حين علمه فروض الصّلاة.
حجة القول الثّالث ما ورد في قول ابن مسعود -كما سيأتي من رواية النَّسائيِّ- (¬2): "كنا نقول قبل أنّ يفرض علينا التشهد .. " إلخ فصرح فيه بالفرض. وبوب له النسائي في "سننه": باب فرض التشهد وعدم وجوب التشهد الأوّل بسجوده (جـ) - صلى الله عليه وسلم - لما تركه فدل على عدم وجوبه.
وقولها " وكان يفرش .. " إلخ: ومعناه يجلس مفترشًا، ظاهره في جميع جَلَسَاته، ففيه (د) دلالة لقول من يقول بذلك وهو أبو حنيفة ومن وافقه، وقال مالك: يجلس متوركًا في جميع الجلسات، وقال الشّافعيّ مثل قول أبي حنيفة (¬3) إلا الجلوس للتشهد الأخير فمثل قول مالك (هـ)، قال النووي (¬4): وجلوس المرأة كالرجل، والنفل كالفرض، وهذا مذهب مالك والشّافعيّ والجمهور (¬5).
¬__________
(أ) في هـ: بأن والأكثر، "والأكثر" مثبتة بهامش هـ.
(ب) الواو ساقطة من جـ.
(جـ) في هـ: لسجوده.
(د) في جـ: فيه.
(هـ) في هامش هـ. وقد تقدّم الكلام في ذلك.
__________
(¬1) البخاريّ 2/ 311 ح 831.
(¬2) النَّسائيُّ 3/ 34.
(¬3) مر في 733 ح 206.
(¬4) شرح مسلم 2/ 133 - 134.
(¬5) المجموع 3/ 455.