كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

على بطْلان الصّلاة به، وحجتهم حديث جابر بن سمرة (¬1): "ما لي أراكم رَافِعِي أيْديكُمْ" قالوا: هو ناسخ لرفع الأيدي. وقوله. "لو خشع قلبه لخَشعت جَوارحه" (¬2) وقوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3) وحركة الأيدي تنافي الخشوع.
والقول بالنسخ لا يكاد يتم مع ما عرفت من سبب ورود قوله: "ما لي أراكم" فيما مر، وقولهم: إنّه ينافي الخشوع غير مسلم، بل قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة أنه صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع.
ومن اللطائف (¬4) قول بعضهم: القلب موضع النية، والعادة أنَّ من أحرز على حفظ شيء جعل يديه (أ) عليه.
وقال ابن عبد البرّ (¬5): لم يأت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيه خلاف وهو قول جمهور الصّحابة والتابعين، وقال: وهو الّذي ذكره مالك في "الموطَّأ" (¬6)، ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره، وروى ابن (ب) القاسم عن مالك
¬__________
(أ) في جـ: يده.
(ب) ساقطة من جـ.
__________
(¬1) تقدّم تخريج الحديث في ح 206 المراد به عند السّلام.
(¬2) والبيهقي 2/ 289 موقوفًا معلقًا، قال الألباني: موضوع الإرواء 2/ 92.
(¬3) الآية: 2 من سورة المؤمنون.
(¬4) الفتح 2/ 224.
(¬5) شرح الزرقاني 1/ 286.
(¬6) الموطَّأ 117.

الصفحة 55