كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

هذه الأحاديث تتعين الفاتحة، ونحوها بيان القدر الواجب من المتيسر، وحديث المسئ، قد ورد في بعض ألفاظه ذِكْر الفاتحة (¬1) فلا حجة فيه.
[واعلم أنّ الحنفية (¬2) إنّما نفوا كون الفاتحة شرطًا في الصّلاة، وأما الوجوب فإنهم قائلون به، قالوا: لأن وجوبها إنّما ثبت بالسُّنَّة والذي لا تتم الصّلاة إلا به فرض، والفرض عندهم لا يثبت بما يزيد على القرآن] (¬3) (أ).
وظاهر هذا الحديث وجوب الفاتحة، وهو محتمل لتكررها في كلّ ركعة أو يكفي قراءتها في ركعة، إلا أنه قد زاد الحميدي (¬4) في رواية هذا الحديث عن سفيان لفظ "فيها" فقال: "لمن لم يقرأ فيها" هكذا في "مسنده"، وهكذا رواه سفيان بن يعقوب عن الحميدي، أخرجه البيهقي (¬5)، وكذا لابن أبي عمر عند الإسماعيلي، ولقتيبة وعثمان بن أبي شيبة عند أبي نعيم في "المستخرج": فإن كانت الركعة الواحدة تسمى
¬__________
(أ) بهامش الأصل وفيه بعض واستدركه من نسخة هـ.
__________
(¬1) عند أحمد وأبي داود وابن حبّان راجع ح 303.
(¬2) الهداية 1/ 248، الفتح 2/ 240.
(¬3) وهذا بناء على قاعدتهم أنّ الفرض غير الواجب فمع وجوبها ليست شرطًا في صحة الصّلاة لأن وجوبها إنّما ثبت بالسُّنَّة والذي لا تتم الصّلاة إلا به فرض، والفرض عندهم لا يثبت بما يزيد على القرآن وقد قال تعالى: {فَاقْرَءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ} فالفرض قراءة ما تيسر وتعيين الفاتحة إنّما ثبت بالحديث فيكون واجبًا يأثم بتركه وتجزئ الصّلاة بدونه، الفتح 2/ 242، روضة الناظر 25 - 26.
(¬4) الحميدي 1/ 191 ح 386.
(¬5) البيهقي 27/ 38.

الصفحة 60