كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

صلاة فبهذه الزيادة يتقرر وجوب قراءتها في كلّ ركعة، وقد ذهب إلى هذا الشّافعيّ واختاره الإمام شرف الدين، ويتأيد ذلك بما ورد في حديث المسئ صلاته وهو قوله: "وافعل ذَلِكَ في صَلَاتكَ كُلِّها" بعد أن علَّمه صلاة ركعة، فإنّه قد سمى كلّ ركعة صلاة وقد أمره بالقراءة في الركعة الأولى، فتكون القراءة مأمور بها في سائر الركعات (¬1)، وفي رواية لأحمد وابن حبّان: "ثمّ افعل ذَلكَ فِي كلِّ رَكْعَةٍ" (¬2) والخلاف في ذلك للهادي (¬3) وأتباعه فقالوا: تكفي قراءتها مرّة واحدة في جُمْلَة الصّلاة مفرقة أو في ركعة.
وقال بهذا أيضًا من السلف: الحسن البصري (¬4) رواه عنه ابن المنذر بإسناد حسن، قالوا: لأن الصّلاة اسم لمجموع الفريضة بدليل قوله "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ الله عَلَى العِبَاد" (¬5) وغير ذلك، فإطلاق الصّلاة على الركعة الواحدة يكون مجازًا وقال زيد بن عليّ والناصر: إن الواجب قراءة الفاتحة فقط في الركعتين الأوليين (¬6).
وفي قوله "لعلّكم تقرؤون خلف إمامكم .. " إلخ: في الحديث دلالة على النهي عن قراءة ما عدا الفاتحة بعد الإمام، وأنه لا بد من قراءة
¬__________
(¬1) وبه قال أكثر العلماء.
(¬2) ابن حبّان موارد 131 ح 484، أحمد 4/ 340، ولفظهما (اصنع ذلك).
(¬3) البحر 1/ 244.
(¬4) في المجموع: لا تجب القراءة إلا في ركعة من كلّ الصلوات 3/ 291.
(¬5) البخاريّ 5/ 287 ح 2678، مسلم 1/ 40 - 41 ح 8 - 11.
(¬6) البحر 1/ 244.

الصفحة 61