فإن لم يسكت الإِمام كان له القراءة وله تمام الفاتحة ولو سبقه الإِمام بالركوع فهو عذر في التأخر، والخلاف في قراءة المأموم لمن عدا الشافعي على جهة الجملة والتفصيل، قالت الحنفية (¬1): لا يقرأ المأموم لا في سرية، ولا جهرية: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ صلى خلف الإِمام فقراءة الإِمام له قراءة" (¬2) وهو حديث ضعيف عند الحفاظ وقد استوعب طرقه وعلله الدارقطني وغيره.
وقال الهادي والقاسم وزيد بن عليّ وأَحمد وأحد قولي الشَّافعيّ ومالك وغيرهم (¬3): لا يقرأ المأموم في الجهرية، قالوا لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬4) والحديث: "فإِذَا قَرأَ فَأنْصِتُوا"، وهو (أ) حديث صحيح، أخرجه مسلم (¬5)، ويجاب عن ذلك بأنه مخصوص بحديث "لا تفعلوا إلَّا بأم الكتاب" والعمل به لازم لخصوصه لا مدفع له [وقول الإِمام المهدي في "البحر" أنَّه معارض بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لي أنازع القرآن" ويجاب عنه بأنه لا يعارضه علي القول بأن العام يبنى على الخاص مطلقًا وعلى قول من يقول: إن العام المتأخر يكون ناسخًا للخاص المتقدم فمع جهل التاريخ يحصل التعارض مع أن حديث "ما لي أنازع" ورد في حديث
¬__________
(أ) في جـ: وهذا.
__________
(¬1) وهو قول الثَّوريّ وابن عيينة، الهداية 1/ 48.
(¬2) سنن الدارقطني، 1/ 323 - 326، 1/ 402 تاريخ بغداد 13/ 94، قال الحافظ ابن حجر: مشهور من حديث جابر، وله طرق عن جماعة من الصَّحَابَة كلها معلولة. الفتح 1/ 242.
(¬3) المجموع 3/ 296، البحر 1/ 244، المغني 1/ 652، الكافي 1/ 201.
(¬4) الآية 204 من سورة الأعراف.
(¬5) مسلم 1/ 304 ح 63 - 404 م.