كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 3)

إسحاق أَيضًا، وابن خزيمة (¬1) من طريق ثابت أَيضًا، والنَّسائيّ (¬2) من طريق منصور بن زاذان، وابن حبان من طريق أبي قلابة، والطبراني من طريق أبي نعامة، كلهم عن أنس باللفظ الثاني للجهر.
وطريق الجمع بين هذه الروايات حمل نَفْي القراءة على نفي السماع ونفي السماع على نفي الجهر، ويؤيد هذا التأويل رواية ابن خزيمة (¬3): "كانوا يسرون" وكذلك رواية منصور بن زاذان: "فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم"، وإذا تقرر أن محصل (أ) حديث أنس نفي الجهر بالبسملة فمتى وجدت رواية فيها إثبات الجهر قدمت على نفيه لا لمجرد تقديم المثبت على النافي؛ لأن أنسًا يبعد جدًّا أن يصحب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مدة عشر سنين ويصحب الثلاثة الخلفاء مدة خمس (ب) وعشرين سنة فلا (جـ) يسمع منهم الجهر بها في صلاة حتَّى يقدم المُثبتُ عليه وهذه تكون طريقة النفي على هذه الكيفية تفيد العلم اليقين، فلا يقدم (د) الإثبات عليها، بل يكون أنس اعترف بأنه لا يحفظ هذا الحكم، كأنه لبعد عهده به لم يذكر منه الجزم بالافتتاح بالحمد لله جهرًا، فلم يستحضر الجهر بالبسملة (¬4)، فيتعين الأخذ بحديث من أثبت ذلك.
¬__________
(أ) زاد في هـ: قراءة.
(ب) في جـ: خمسة.
(جـ) في جـ: فلم.
(د) في هـ: تقديم.
__________
(¬1) ابن خزيمة 1/ 250 ح 497.
(¬2) النسائي 2/ 104.
(¬3) ابن خزيمة 1/ 250 ح 418، النَّسائيّ 2/ 104.
(¬4) نقل المؤلف الشرح من الفتح، وكان بناء على ترتيب كلامه أن يثبت إسرار البسملة، ولعله مشي على مذهب الشَّافعيّ من إثبات الجهر بالبسملة، والله أعلم والأولى تقديم ما دل عليه حديث أنس من شرعية الإمرار بالبسملة لصحته وصراحته في هذه المسألة، والله أعلم.

الصفحة 68