وأقول والله أعلم: لعل أحوال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اختلفت فمتى حضر الصلاة من يريد الطعن والتشبث بظاهر ما سمع من المعاندين أخفى قراءة البسملة، ومتى زال ذلك الشائع أظهرها، وهذا أنسب بالجمع بين رواية النافي والمثبت؛ لأنه لو أديم أحدهما في بعض المدة بعد أن قد فعل خلافه ما خفي على الملازمين لتلك الحضرة الشريفة، والله أعلم.
واعلم أن كثيرًا من الأئمة احتج على كون البسملة ليست بآية من الفاتحة بعدم قراءتها واشتهر ذلك، ولم أر من رده، وذلك لا يصح، فإن من روى أنَّه لم يقرأها أو يجهر بها لم يتعرض لكونها آية أو غير آية ولعلها آية ولم يقرأها، ويكون عدم قراءتها مبينًا لأن يقرأ من الفاتحة ما عداها فبينهما فرق، فتنبه لذلك، والله سبحانه أعلم.
تنبيه: وقع في رواية الصنف هنا في رواية أنس ذكر أبي بكر وعمر دون عثمان وقد وقع ذكر عثمان في رواية عمر بن مرزوق عن شعبة عند البُخَارِيّ في "جزء القراءة" (¬1) وكذا في رواية حجاج بن محمَّد عن شعبة عند أبي عوانة (¬2)، وهو في رواية شيبان وهشام والأوزاعي وقد أشرنا إلى روايتهم فتنبه.
215 - وعن نُعَيْم المُجمِر قال: (صليت وراء أبي هريرة - رضي الله عنه - فقرأ بسم الله الرحمن الرَّحِيم. ثم قرأ بأم القرآن حتَّى إِذا بلغ
¬__________
(¬1) جزء القراءة 32 ح 118. قلت: ومن رواية أبي عاصم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس 32 ح 121، ومن رواية محمَّد بن يوسف قال: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيّ كتب إلى قتادة قال: حَدَّثني أنس 32 ح 119، وهناك روايات أخرى.
(¬2) مسند أبي عوانة 2/ 122.