يقول: سبحان ربي الأعلى"، وظاهره وجوب التسبيح في الركوع، وقد ذهب إلى هذا أَحْمد وطائفة من أئمة الحديث (¬1)، وخالف في ذلك الجمهور وحملوا الأمر على الاستحباب لحديث المسئ صلاته، فإنَّه لم يعلمه النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - تسبيح الركوع ولو كان واجبًا لأمر به، وظاهر حديث حذيفة، وإطلاق قوله: "فعَظِّموا فيه الرَّبَّ" أن المرة الواحدة يحصل بها المأمور به، وقد أخرج أبو داود من حديث عون بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا رَكع أحَدُكُم فَلْيَقلَ: ثلاث مَرَاتٍ: "سبْحَانَ ربي العَظيم"، وذلك أدناه وإذا سجد فليقل: "سُبحانَ رَبي الأعلى" ثلاثًا، وذلك أدناه" (¬2) رواه أبو داود والتِّرمذيّ وابن ماجه، وقال أبو داود (¬3)، فيه إرسال؛ لأن عونًا (¬4) لم يدْرِك ابن مسعود، وكذا قال البُخَارِيّ في "تاريخه" (¬5)، وكذا التِّرْمِذِيّ (¬6)، ففيه دلالة على أن المرة الواحدة [غير كافية] (أ)، ولا سيما مع قوله: "وذلك أدناه" وأما حمله على الندب فهو مثل الحديث الأول.
وفي قوله (ب): "فاجتهدوا في الدعاء" فيه دلالة على قُرْبِ المصلي من المعبود جل وعلا لما في ذلك من الخضوع والاستكانة، وقد اختلف
¬__________
(أ) بهامش الأصل.
(ب) في جـ: وقوله.
__________
(¬1) المغني 1/ 502، المجموع 3/ 354، وقال ابن قدامة: وهو المشهور عن أَحْمد وعنه أنَّه غير واجب وهو قول أكثر الفقهاء.
(¬2) أبو داود 1/ 550 ح 886، التِّرْمِذِيّ 2/ 46 ح 216، ابن ماجه 1/ 287 ح 890.
(¬3) السنن 1/ 550، وانظر تهذيب الكمال 2/ 1066، التهذيب 8/ 171.
(¬4) مضى ح 502.
(¬5) التاريخ الكبير 7/ 13 - 14.
(¬6) قال التِّرْمِذِيّ: حديث ابن مسعود ليس إسناده بمتصل، عون بن عبد الله بن عتبة لم يلق ابن مسعود. سنن التِّرْمِذِيّ 2/ 47.