وقوله: ثم يقول حين يَرْفَعُ صُلْبَهُ منَ الْركُوع: "سَمِعَ الله لمَنْ حَمدَه"، ويقول وهو قائم: "ربنَا وَلَكَ الْحَمْدُ" ظاهره أنَّه يقول ذلك كل مُصَلّ، إذ هو حكاية لمطلق صلاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وإن كان يحتمل أن ذلك حكايته لصلاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إذ الصلاة المتبادر منها الصلاة الواجبة، والغالب على صلاته الجماعة وهو الإِمام فيها، وأيضًا في رواية لمسلم منْ فعْل أبي هريرة وهو إمام بالمدينة في أيام مروان (¬1) حكاية ذلك وقالَ: وَالله إنِّي لأشْبَهُكُمْ صَلَاةً برَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن ذلك لا يُكَدر هذا الظاهر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كَمَا رأيتموني أصلي" (¬2)، وظاهر الأمر إطلاق المشابهة لكل مصلّ يصلي كصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ذهب إلى هذا الشَّافعيّ (¬3)، وذهب الهادي (¬4) والقاسم وأبو حنيفة ورواية عن الناصر أن التسميع للإمام والمنفرد، وِالحمد للمؤتم، قالوا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قَالَ الإمَامُ سَمِع الله لمنْ حَمدَه فقُولوا: اللهُم ربنا لَكَ الحَمْدُ فإنهُ مَنْ وَافَقَ قَولهُ قوْلَ الملائكَةَ غُفِرَ لهَ مَا تَقَدَّم مِنْ ذنبهِ" (¬5).
وذهب أَبو يوسف ومحمَّد إلى أنَّه يجمع بينهما الإِمام والمنفرد (¬6)، ويأتي
¬__________
(أ) بهامش الأصل.
__________
(¬1) أخرج مسلم في صحيحه عن ابن أبي رافع قال: استخلف مروان أَبا هريرة على المدينة وخرج إلى مكة. 2/ 597 ح 61 - 877.
(¬2) البُخَارِيّ من حديث مالك بن الحويرث. سيأتي في ح 252.
(¬3) المجموع 3/ 358 - 359.
(¬4) المجموع 3/ 358، البحر 1/ 258، والمغني 1/ 509، الهداية 1/ 49، ورواية عن مالك، التمهيد 9/ 230.
(¬5) البُخَارِيّ 2/ 283 ح 796.
(¬6) الهداية 1/ 49.