كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 3)

قَالَ القاضى أَبُو على البندنيجى فى الذَّخِيرَة حكى عَن أَبى الْعَبَّاس ابْن سُرَيج أَنه كَانَ يُوصل المَاء إِلَى أُذُنَيْهِ تسع مَرَّات يغسلهما ثَلَاثًا مَعَ الْوَجْه وَيمْسَح عَلَيْهِمَا ثَلَاثًا مَعَ الرَّأْس ويفردهما بِالْمَسْحِ ثَلَاثًا
قلت وَقد اسْتحْسنَ النووى فى الرَّوْضَة صنع ابْن سُرَيج هَذَا وَغلط من غلطه فِيهِ
وَنَظِيره مَا حَكَاهُ القاضى الْحُسَيْن فى تَعْلِيقه فى بَاب صَلَاة الْمُسَافِر عَنهُ ضمن فرع حسن
قَالَ القاضى رَحمَه الله بعد تعديد مسَائِل يسْتَحبّ فِيهَا الْخُرُوج من الْخلاف مَا نَصه فى الفصد والحجامة يسْتَحبّ لَهُ أَن يتَوَضَّأ إِذا صَار وضوءه خلقا بِأَن أدّى بِهِ فرضا أَو نَافِلَة فَأَما إِذا لم يؤد بِهِ شَيْئا فَلَا يسْتَحبّ لِأَن تَجْدِيد الْوضُوء مَكْرُوه قبل أَن يُؤدى بِالْأولِ صَلَاة مَا لِأَنَّهُ يُؤدى إِلَى الزِّيَادَة على الْأَرْبَع
ويحكى عَن ابْن سُرَيج أَنه كَانَ بعد مَا افتصد مس ذكره ثمَّ تَوَضَّأ وَهَذَا لَيْسَ بقوى لِأَنَّهُ لَا فرق عندنَا بَين مَا لَو أحدث أَو مس ذكره انْتهى
وَمَا ذكره من عدم اسْتِحْبَاب التَّجْدِيد إِذا لم يؤد بِهِ صَلَاة لِأَن الغسلة تصير رَابِعَة حكم ظَاهر وتعليل حسن
وَنَظِيره قَول الشَّيْخ أَبى مُحَمَّد فى الفروق مَا نَصه إِذا تَوَضَّأ فَغسل وَجهه مرّة وَيَديه مرّة وَمسح رَأسه مرّة وَغسل رجلَيْهِ مرّة ثمَّ عَاد فَغسل وَجهه ثَانِيَة وَيَديه ثَانِيَة إِلَى آخرهَا ثمَّ فعل ذَلِك مرّة ثَالِثَة لم تجز انْتهى
وسنعيد للفرع ذكرا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فى تَرْجَمَة الشَّيْخ أَبى مُحَمَّد
قَالَ أَبُو حَفْص المطوعى كَانَ على بن عِيسَى الْوَزير منحرفا عَن أَبى الْعَبَّاس لفضل ترفعه وتقاعده عَن زيارته منصبا بالميل إِلَى أَبى عمر المالكى القاضى لمواظبته على خدمته وَلذَلِك كَانَ مَا قَلّدهُ من الْقَضَاء وَكَانَت فى أَبى عمر نخوة على أكفائه من فُقَهَاء بَغْدَاد لعلو مرتبته فَحمل ذَلِك جمَاعَة من الْفُقَهَاء على تتبع فَتَاوِيهِ حَتَّى ظفروا لَهُ بفتوى

الصفحة 30