كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 3)

خَالف فِيهَا الْجَمَاعَة وخرق الْإِجْمَاع وانهى ذَلِك إِلَى الْخَلِيفَة والوزير فعقدوا مَجْلِسا لذَلِك وَكَانَ خُذ أَبى عمر فِيهِ الأضرع وفيمن حضر أَبُو الْعَبَّاس ابْن سُرَيج فَلم يزدْ على السُّكُوت فَقَالَ لَهُ الْوَزير فى ذَلِك فَقَالَ مَا أكاد أَقُول فيهم وَقد ادعوا عَلَيْهِ خرق بِالْإِجْمَاع وأعياه الِانْفِصَال عَمَّا اعْترضُوا بِهِ عَلَيْهِ ثمَّ إِن مَا أفتى بِهِ قَول عدَّة من الْعلمَاء وأعجب مَا فى الْبَاب انه قَول صَاحبه مَالك وَهُوَ مسطور فى كِتَابه الفلانى فَأمر الْوَزير بإحضار ذَلِك الْكتاب فَكَانَ الْأَمر على مَا قَالَه فأعجب بِهِ غَايَة الْإِعْجَاب وتعجب من حفظه لخلاف مذْهبه وغفلة أَبى عمر عَن مَذْهَب صَاحبه وَصَارَ هَذَا من أوكد أَسبَاب الصداقة بَينه وَبَين الْوَزير وَمَا زَالَت عناية الْوَزير بِهِ حَتَّى رشحه للْقَضَاء فَامْتنعَ أَشد الِامْتِنَاع فَقَالَ إِن امتثلت مَا مثلته لَك وَإِلَّا أجبرتك عَلَيْهِ قَالَ افْعَل مَا بدا لَك فَأمر الْوَزير حَتَّى سمر عَلَيْهِ بَابه وعاتبه النَّاس على ذَلِك فَقَالَ أردْت أَن يتسامع النَّاس أَن رجلا من أَصْحَاب الشافعى عومل على تقلد الْقَضَاء بِهَذِهِ الْمُعَامَلَة وَهُوَ مصر على إبائه زهدا فى الدُّنْيَا
قلت كَانَ هَذَا فى آخر حَال ابْن سُرَيج وَكَانَ المسؤول عَلَيْهِ قَضَاء بَغْدَاد وَأما فى أول أمره فقد قدمنَا عَن الشَّيْخ أَبى إِسْحَاق أَنه ولى الْقَضَاء بِمَدِينَة شيراز
وَمن شعر أَبى الْعَبَّاس ابْن سُرَيج فى مُخْتَصر المزنى
(لصيق فؤادى مُنْذُ عشْرين حجَّة ... وصيقل ذهنى والمفرج عَن همى)
(عَزِيز على مثلى إِعَارَة مثله ... لما فِيهِ من علم لطيف وَمن نظم)
(جموع لأصناف الْعُلُوم بأسرها ... فأخلق بِهِ أَن لَا يُفَارِقهُ كمى)
قَالَ القاضى أَبُو عَاصِم استدرك أَبُو الْعَبَّاس على مُحَمَّد بن الْحسن مَسْأَلَة

الصفحة 31