كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 3)

قَالَ رَحمَه الله لما قَالَ تَعَالَى {فَإِن عثر} يعْنى تبين {على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا} يعْنى بذلك الْوَصِيّين {فآخران يقومان مقامهما من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الأوليان فيقسمان} الْآيَة فيحلفان بِاللَّه يعْنى وارثى الْمَيِّت اللَّذين كَانَ الوصيان حلفا أَن مافى أَيْدِيهِمَا من الْوَصِيَّة غير مَا زَاد عَلَيْهِمَا
قَالَ ابْن سُرَيج فالبيان الذى عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا بِهِ لَا يَخْلُو من أحد أَرْبَعَة معَان إِمَّا أَن يكون إِقْرَارا مِنْهُمَا بعد إنكارهما أَو يكون شاهدى عدل أَو شَاهدا وَامْرَأَتَيْنِ أَو شَاهدا وَاحِدًا وَقد أجمعنا على أَن الْإِقْرَار بعد الْإِنْكَار لَا يُوجب يَمِينا على الطالبين وَكَذَلِكَ لَو قَامَ شَاهِدَانِ أَو شَاهد وَامْرَأَتَانِ فَلم يبْق إِلَّا شَاهد وَاحِد وَكَذَلِكَ استحلاف الطالبين
قَالَ ابْن الْقَاص وَقد رويت الْقِصَّة الَّتِى نزلت فِيهَا هَذِه الْآيَة بِنَحْوِ مَا فَسرهَا ابْن سُرَيج
ثمَّ روى ابْن الْقَاص بِإِسْنَادِهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن تَمِيم الدارى فى هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم} الْآيَة قَالَ برىء النَّاس مِنْهَا غيرى وَغير عدى ابْن بداء وَكَانَا نَصْرَانِيين يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّام قبل الْإِسْلَام فَأتيَا الشَّام لِتِجَارَتِهِمَا وَقدم عَلَيْهِمَا مولى لبنى سهم يُقَال لَهُ بديل بن أَبى مَرْيَم بِالتِّجَارَة وَمَعَهُ جَام من فضَّة يُرِيد بِهِ الْملك وَهُوَ عَظِيم تِجَارَته فَمَرض فأوصى إِلَيْهِمَا وَأَمرهمَا أَن يبلغَا مَا ترك أَهله
قَالَ تَمِيم فَلَمَّا مَاتَ أَخذنَا الْجَام فَبِعْنَاهُ بِأَلف دِرْهَم ثمَّ اقتسمناها أَنا وعدى بن بداء فَمَا جِئْنَا إِلَى أَهله دفعنَا إِلَيْهِم مَا كَانَ مَعنا وَفقدُوا الْجَام فسألوا عَنهُ فَقُلْنَا مَا ترك غير هَذَا

الصفحة 33