كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 3)

وَعَن فَاطِمَة أُخْت أَبى على الرُّوذَبَارِي قَالَت لما قرب أجل أخى أَبى على وَكَانَ رَأسه فى حجرى فتح عَيْنَيْهِ وَقَالَ هَذِه أَبْوَاب السَّمَاء فتحت وَهَذِه الْجنان قد زينت وَهَذَا قَائِل يَقُول لى يَا أَبَا على قد بلغناك الرُّتْبَة القصوى وَإِن لم تردها ثمَّ أنْشد يَقُول
(وحقك لَا نظرت إِلَى سواكا ... بِعَين مَوَدَّة حَتَّى أراكا)
(أَرَاك معذبى بفتور لحظ ... وبالخد المورد من جناكا)
ثمَّ قَالَ يَا فَاطِمَة الأول ظَاهر والثانى فِيهِ إِشْكَال
كَذَا أورد الْحِكَايَة القشيرى وَغَيره
وَمَا أحسن إشكاله الثانى وَلَيْسَ هُوَ عِنْد التَّحْقِيق بمشكل وَلكنه وَالله أعلم استقصر عقول النِّسَاء عَن دركه وخشى عَلَيْهِنَّ غائلة أَن يفهمن أَن الْأَمر على ظَاهره
وَعَن الروذبارى رَأَيْت فى الْبَادِيَة حَدثا فَلَمَّا رآنى قَالَ أما يَكْفِيك أَنه شغفنى بحبه حَتَّى علنى ثمَّ رَأَيْته يجود بِرُوحِهِ فَقلت لَهُ قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَأَنْشَأَ يَقُول
(أيا من لَيْسَ لى عنة ... وَإِن عذبنى بُد)
(وَيَا من نَالَ من قلبى ... منالا مَا لَهُ حد)
وَعنهُ قدم علينا فَقير فَمَاتَ فدفنته وكشفت عَن وَجهه لأضعه فى التُّرَاب ليرحم الله غربته فَفتح عَيْنَيْهِ وَقَالَ يَا أَبَا على أتذللنى بَين يدى من دللنى فَقلت لَهُ يَا سيدى أحياة بعد موت فَقَالَ بل أَنا حى وكل محب لله حى لأنصرنك غَدا بجاهى يَا روذبارى
وَعنهُ من الاغترار أَن تسئ فَيحسن إِلَيْك فَتتْرك الْإِنَابَة توهما أَنَّك تسَامح فى الهفوات وَترى أَن ذَلِك من بسط الْحق لَك

الصفحة 50