كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 3)

وسمعت بَعْض أَصْحَابنا يحدث عَنِ الأمير درباس المهراني، إنه كَانَ دَخَلَ مَعَ الحافظ إِلَى الْمَلِك العادل، فلما قضى الْمَلِك كلامه مع الحافظ، جعل يتحدث مَعَ بَعْض الحاضرين فِي أمر ماردين وحصارها، وَكَانَ حاصرها قبل ذَلِكَ، فسمع الحافظ كلامه، فَقَالَ: إيش هَذَا؟ وأنت بَعْد تريد قتال الْمُسْلِمِينَ، مَا تشكر اللَّه فيما أعطاك إماما؟ قَالَ: وسكت الْمَلِك العادل، فَمَا أعاد ولا بدى، ثُمَّ قام الحافظ وقمت مَعَهُ، فلما خرجنا، قُلْت لَهُ: إيش هَذَا؟ نحن كنا نخاف عليك من هَذَا الرجل: ثُمَّ تعمل هَذَا العمل؟ فَقَالَ: أنا إِذَا رأيت شَيْئًا لا أقدر أصبر.
وسمعت أبا بَكْر بْن أَحْمَد الطحان قَالَ: كَانَ فِي دولة الأفضل بْن صلاح الدين قَدْ جعلوا الملاهي عِنْدَ درج جيرون، فجاء الحافظ فكسر شَيْئًا كثيرا منها، ثُمَّ جاء فصعد المنبر يقرأ الْحَدِيث، فجاء إِلَيْهِ رَسُول من الْقَاضِي يأمره بالمشي إِلَيْهِ، يَقُول حَتَّى يناظره فِي الدف والشبابة، فَقَالَ الحافظ: ذَلِكَ عندي حرام، وَقَالَ: أنا لا أمشي إِلَيْهِ، إِن كَانَ لَهُ حاجة، فيجيء هُوَ، ثُمَّ قرأ الْحَدِيث، فعاد الرسول فقال: قد قال: لا بد من المشي

الصفحة 17