كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 3)

قَالَ: وَكَانَ الحافظ يقرأ الْحَدِيث بدمشق، ويجتمع الخلق عَلَيْهِ، ويبكي النَّاس، وينتفعون بمجالسه كثيرا، فوقع الحسد عِنْدَ المخالفين بدمشق، وشرعوا يعملون وقتا يجتمعون فِي الجامع، ويقرأ عليهم الحديث، ويجمعون النَّاس من غَيْر اختيارهم. فهذا ينام، وَهَذَا قلبه غَيْر حاضر، فلم تشتف قلوبهم بِذَلِكَ، فشرعوا فِي المكيدة بأن أمروا الإمام الناصح أبا الفرج عَبْد الرَّحْمَنِ بْن نجم بْن الحنبلي الواعظ بأن يجلس يعظ فِي الجامع تَحْتَ قُبة النسر بَعْد الجمعة وقت جلوس الحافظ. فلما بلغني ذَلِكَ قُلْت لبعض أَصْحَابنا: هذه مكيدة والله، مَا ذَلِكَ لحبهم الناصح وإنما يريدون أَن يعملوا شَيْئًا. فأول ذَلِكَ: أَن الحافظ والناصح أرادا أَن يختلفا للوقت. ثُمَّ اتفقا عَلَى أَن يجلس الناصح بَعْد صلاة الجمعة، ثُمَّ يجلس الحافظ بَعْد العصر. فلما كَانَ بَعْض الأيام، والناصح قَدْ فرغ من مجلسه. وَكَانَ قَدْ ذكر الإِمام أَحْمَد رحمه اللَّه فِي مجلسه - فدسوا إِلَيْهِ رجلا ناقص العقل من بَيْت ابْن عساكر فَقَالَ للناصح كلاما معناه: إنك تقول الكذب عَلَى المنبر فضرب ذَلِكَ الرجل وهرب، فأتبع، فخبئ فِي الكلاسة، فتصت لَهُم المكيدة بِهَذِهِ الواقعة، فمشوا إِلَى الوالي، وَقَالُوا لَهُ: هَؤُلاءِ الحنابلة مَا قصدهم إلا الْفِتْنَة، واعتقادهم يخالف

الصفحة 30