كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 3)

اعتقادنا، ثُمَّ إنهم جمعوا كبراءهم، ومضوا إلى القلعة إِلَى الوالي، وَقَالُوا: نشتهي أَن يحضر الحافظ عبد الغني. وكانت مشايخنا قَدْ سمعوا بِذَلِكَ، فانحدروا إِلَى دمشق - خالي الإمام موفق الدين؛ وَأَخِي الإِمام أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد الْبُخَارِي، وجماعة الْفُقَهَاء، وَقَالُوا: نحن نناظرهم، وَقَالُوا للحافظ: اقعد أَنْتَ لا تجيء، فإنك حاد ونحن نكفيك. فاتفق أنهم أرسلوا إِلَى الحافظ من القلعة وحده فأخذوه، وَلَمْ يعلم أَصْحَابنا بِذَلِكَ، فناظروه. وَكَانَ أجهلهم يغري بِهِ فاحتد وكانوا قَدْ كتبوا شَيْئًا من اعتقاداتهم وكتبوا خطوطهم فِيهِ، وَقَالُوا لَهُ: اكتب خطك، فلم يفعل، قَالُوا للوالي: الْفُقَهَاء كلهم قَد اتفقوا عَلَى شَيْء وَهُوَ يخالفهم. وَكَانَ الوالي لا يفهم شَيْئًا فاستأذنوه فِي رفع منبره، فأرسلوا الأسرى فرفعوا ما قي جامع دمشق من منبر وخزانة ودرابزين، وَقَالُوا: نريد أَن لا يجعل فِي الجامع إلا صلاة أَصْحَاب الشَّافِعِي، وكسروا منبر الحافظ، ومنعوه من الجلوس، ومنعوا أَصْحَابنا من الصلاة فِي مقامهم فِي الجامع، ففاتهم صلاة الظهر. ثُمَّ إِن الناصح بْن الحنبلي جمع السوقة وغيرهم، وَقَالَ: إِن لَمْ يخلونا نصلَّي باختيارهم صلينا بغير اختيارهم. فبلغ ذَلِكَ الْقَاضِي - وَهُوَ كَانَ صاحب الْفِتْنَة - فأذن لَهُمْ بالصلاة وخاف أَن يصلي بغير إذنه. وَكَانَ الحنفية قَدْ حموا مقصورتهم بالجند.

الصفحة 31