كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 3)

مَا هُوَ. فَقُلْتُ: لا يصل إِلَيْهِ شَيْء يكرهه، حَتَّى يقتل من الأكراد ثلاثة آلاف، قَالَ: فَقَالَ: لا يؤذي الحافظ، فَقُلْتُ: اكتب خطك بذاك، فكتب.
كذا؛ لقول لله كَذَا، وأقول كَذَا، لقول رَسُول الله كَذَا، حَتَّى فرغ من المسائل الَّتِي يخالفون فِيهَا، فلما وقف عَلَيْهَا الْمَلِك الكامل، قَالَ: إيش في هذا؟. يقول بقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وقول رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فخلى عَنْهُ.
ثُمَّ ذكر الضياء طرفا من فراسته، وَهِيَ نوع من فراسته، وهي ملتحقة بنوع من كراماته.
فمنها مَا قَالَ: سمعت نصر بن رضوان بْن ثروان العدوي يَقُول: لما كَانَ الحافظ يجلس فِي الجامع بَعْد العصر، كَانَ المنبر الَّذِي يجلس عَلَيْهِ فِيهِ قصر. وَكَانَ النَّاس يشرفون إِلَيْهِ، فخطر فِي نفسي لو كَانَ يرفع قليلًا. وَكَانَ الحافظ عَلَى المنْبر يقرأ فِي جزء، فترك القراءة، فَقَالَ بَعْض الإخوان: نشتهي أَن يعلى هَذَا المنبر قليلًا، فلما كَانَ الغد زاد بَعْض الْجَمَاعَة فِي رجل المنبر قليلًا.
قَالَ: وسمعت الحافظ أبا موسى بْن الحافظ قَالَ: كنت عِنْدَ والدي، وَهُوَ يذكر فضائل سُفْيَان الثَّوْرِي، فَقُلْتُ فِي نفسي: إِن والدي مثله، فالتفت إليّ وَقَالَ: أين نحن من أولئك؟.
وسمعت أبا موسى أَيْضًا يحدث عَن رجل بدمياط قَالَ!: كنت يوما عِنْدَ الحافظ فَقُلْتُ فِي نفسي: كنت أشتهي لو أَن الحافظ يعطيني الثوب الَّذِي بلى جسده حَتَّى أكفن فِيهِ. فلما أردت القيام قَالَ: لا تبرح، فلما انصرف الْجَمَاعَة خلع ثوبه الذي بلى جسده وأعطانيه. قَالَ: فبقي الثوب عندنا، وكل من مرض أَوْ وجع رأسه تركوه عَلَيْهِ حَتَّى يبرأ بإذن اللَّه تَعَالَى.
وسمعت أبا الرضى مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن إِبْرَاهِيم المقدسي قَالَ: وقع لي أَن أسال الحافظ عَن شَيْء من ذكر أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمضيت إِلَيْهِ فوجدت عنده جَمَاعَة فاستحييت أَن أسأله وقعدت، فذكر مَا كنت أريد أَن أساله عَنْهُ وبينه.
وسمعت أبا عَلِي فارس بْن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّهِ الدمشقي يذكر عَن رجل عَن آخر قَالَ: خرجنا جَمَاعَة إِلَى الجبل، فقعدنا عَلَى النهر. فَقَالَ بعضنا: اشتهينا لو أَن الحافظ - ومعه جزء يقرأ لنا فِيهِ أخبارا، فَقَالَ آخر: ويجيء مَعَهُ بحلاوة، فلم نلبث إلا والحافظ قَدْ جاء، فَقَالَ لَهُ بعضنا: لو كنت جئت معك بشيء تقرأ لنا فِيهِ؟ فأخرج جزءا من كمه، وَقَالَ: قَدْ جئت بالجزء والحلاوة.

الصفحة 40