كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 3)

قاموا. فجعل يذكر اللَّه، ويحرك شفتيه بذكره، ويشير بعينيه، فدخل رجل فسلم عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: مَا تعرفني يا سيدي؟ فَقَالَ: بلى، فقمت لأُناوله كتابا من جانب الْمَسْجِد، فرجعت وَقَدْ خرجت روحه. وَذَلِكَ يَوْم الاثنين الثالث والعشرين من شَهْر ربيع الأَوَّل من سنة ستمائة.
وبقي ليلة الثلاثاء فِي الْمَسْجِد، واجتمع الغد خلق كثير من الأئمة والأمراء ما لا يحصيهم إلا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ودفناه يَوْم الثلاثاء بالقرافة، مقابل قبر الشيخ أَبِي عَمْرو بْن مرزوق فِي مكان ذكر لي خادمه عَبْد المنعم أَنَّهُ كَانَ يزور ذَلِكَ المكان، ويبكي فِيهِ إِلَى أَن يبل الحصى، وَيَقُول: قلبي يرتاح إِلَى هَذَا المكان رحمه الله ورضي عنه، وألحقه بنبينا مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُلْت: ووقع لابن الحنبلي فِي وفاته وَهُمْ، فَقَالَ: سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
ورثاه غَيْر واحد، مِنْهُم الإِمام أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْد المقدسي الأديب بقصيدة طويلة، أولها:

الصفحة 44