كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 3)

لَمْ يفترق بكما حال، فموتكما ... فِي الشهر واليوم هَذَا الفخر والحسب
أحييت سنته من بعدما دفنت ... وشِدْتها وَقَدِ انهدت لَهَا رتب
وصنتها عَن أباطيل الرواة لَهَا ... حَتَّى استنارت، فلا شك ولا ريب
مَا زلت تمنحها أهلًا، وتمنعها ... من كَانَ يلهيه عَنْهَا الثغر والشنب
قوم بأسماعهم عَن سمعها صمم ... وَفِي قلوبهم من حفظها قُضب
تنوب عَن جمعها مِنْهُم عمائمهم ... أيضا، ويغنيهم عن عرسها اللقب
يا شامتين وفينا مَا يسوؤهم ... مستبشرين وَهَذَا الدهر محتسب
لَيْسَ الفناء بمقصور عَلَى سبب ... ولا البقاء بممدود لَهُ سبب
مَا مَات من عز دين اللَّه يعقبه ... وإنما الميت منكم من لَهُ عقب
ولا تقوض بَيْت كَانَ يعمده ... مثل العماد، ولا أودى لَهُ طنب
علا العلى بجمال الدين بَعْد، كَمَا ... تحيي العلوم بمحيي الدين والقرب
وتسبق الْخَيْل تاليها، إن بعدت ... وغاية السبق لا تعيي لَهُ النجب
مثل الدراري السواري شيخنا أبدا ... نجم يغور ويبقى بعده شهب
من معشر هجروا الأوطان وانتهكوا ... حُمر الخطوب وأبكار العلى خطبوا
شُمُّ العرانين ملح، لو سألتهم ... بذل النفوس لما هابوا بأن يهبوا
بيض مفارقهم، سود عواتقهم ... يمشي مسابقهم من حظه التعب
نور إِذَا سألوا، نار إِذَا حملوا ... سحب إِذَا نزلوا، أسد إِذَا ركبوا
الموقدون ونار الحرب خامدة ... والمقدمون ونار الحرب تلتهب
هَذَا الفخار، فَإِن تجزع فلا جزع ... عَلَى المحب، وإن تصبر فلا عجب

الصفحة 46