كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 3)

الْقِسْمُ
(الثَّامِنُ) مِنْ أَقْسَامِ أَخْذِ الْحَدِيثِ وَنَقْلِهِ (الْوِجَادَةُ) ، (ثُمَّ) يَلِي مَا تَقَدَّمَ (الْوِجَادَةُ) بِكَسْرِ الْوَاوِ، (وَتِلْكَ) ; أَيْ: لَفْظُ الْوِجَادَةِ (مَصْدَرْ وَجَدْتُهُ مُوَلَّدًا) ; أَيْ: غَيْرُ مَسْمُوعٍ مِنَ الْعَرَبِ، بِمَعْنَى أَنَّ أَهْلَ الِاصْطِلَاحِ - كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا النَّهْرَوَانِيُّ - وَلَّدُوا قَوْلَهُمْ: وِجَادَةٌ. فِيمَا أُخِذَ مِنَ الْعِلْمِ مِنْ صَحِيفَةٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ وَلَا إِجَازَةٍ وَلَا مُنَاوَلَةٍ، اقْتِفَاءً لِلْعَرَبِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَصَادِرِ " وَجَدَ " لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ.
(لِيَظْهَرَ تَغَايُرُ الْمَعْنَى وَذَاكَ) ; أَيْ: قِسْمُ الْوِجَادَةِ اصْطِلَاحًا نَوْعَانِ:
حَدِيثٌ وَغَيْرُهُ ; فَالْأَوَّلُ (أَنْ تَجِدَ بِخَطِّ) بَعْضِ (مَنْ عَاصَرْتَ) سَوَاءً لَقِيتَهُ أَمْ لَا، أَوْ بِخَطِّ بَعْضِ مَنْ (قَبْلُ) مِمَّنْ لَمْ تُعَاصِرْهُ مِمَّنْ (عُهِدَ) وُجُودُهُ فِيمَا مَضَى فِي تَصْنِيفٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ يَرْوِيهِ، مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ وَكَذَا الْمَوْقُوفُ وَمَا أَشْبَهَهُ.
(مَا لَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ وَلَمْ يُجِزْ) لَكَ رِوَايَتَهُ (فَقُلْ) حَسْبَمَا اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِيمَا تُورِدُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا مَعْنَاهُ (بِخَطِّهِ) أَيْ: بِخَطِّ فُلَانٍ (وَجَدْتُ) ، وَكَذَا: وَجَدْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ: كَقَرَأْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ، أَوْ فِي كِتَابِ فُلَانٍ بِخَطِّهِ قَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ.
وَتَذْكُرُ شَيْخَهُ وَتَسُوقُ سَائِرَ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، أَوْ مَا وَجَدْتَهُ بِخَطِّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، (وَاحْتَرِزْ) عَنِ الْجَزْمِ (إِنْ لَمْ تَثِقْ بِ) ذَاكَ (الْخَطِّ) بِطَرِيقِهِ الْمَشْرُوحِ فِي الْمُكَاتَبَةِ، بَلْ (قُلْ وَجَدْتُ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ فُلَانٍ، أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ، أَوْ أَذْكُرُ: وَجَدْتُ بِخَطٍّ قِيلَ: إِنَّهُ خَطُّ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ لِي فُلَانٌ: إِنَّهُ خَطُّ فُلَانٍ.
(أَوْ ظَنَنْتُ) أَنَّهُ خَطُّ فُلَانٍ أَوْ ذَكَرَ كَاتِبَهُ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ الْمُفْصِحَةِ بِالْمُسْتَنَدِ فِي كَوْنِهِ خَطَّهُ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ خَطِّهِ فَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ

الصفحة 23