كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 3)

مِنْهُمْ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا بَسَطْتُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّهِ. وَقِيلَ لِابْنِ مَعِينٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: مَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: بَيْتٌ خَالٍ، وَإِسْنَادٌ عَالٍ.
(وَ) قَدْ (قَسَّمُوهُ) ; أَيْ: قَسَّمَ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَمَنْ تَابَعَهُمَا الْعُلُوَّ (خَمْسَةً) مِنَ الْأَقْسَامِ، مَعَ اخْتِلَافِ كَلَامَيِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي مَاهِيَّةِ بَعْضِهَا، وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى عُلُوِّ مَسَافَةٍ، وَهُوَ قِلَّةُ الْوَسَائِطِ، وَإِلَى عُلُوِّ صِفَةٍ.

[أَجْلُّ الْعُلُوِّ الْقُرْبُ مِنَ الرَّسُولِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ] : (فَالْأَوَّلُ) مِنَ الْأَقْسَامِ مِمَّا هُوَ عُلُوُّ مَسَافَةٍ عُلُوٌّ مُطْلَقٌ، وَهُوَ مَا فِيهِ (قُرْبٌ) مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ (مِنَ الرَّسُولِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَارَةً يَكُونُ بِالنَّظَرِ لِسَائِرِ الْأَسَانِيدِ، وَتَارَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَنَدٍ آخَرَ فَأَكْثَرَ يَرِدُ بِهِ ذَلِكَ الْحَدِيثُ بِعَيْنِهِ، عَدَدُهُ أَكْثَرُ.
(وَ) هَذَا الْقِسْمُ (هُوَ الْأَفْضَلُ) الْأَجَلُّ مِنْ بَاقِي أَقْسَامِهِ، وَأَعْلَى مِنْ سَائِرِ الْعَوَالِي، وَلَكِنْ مَحَلُّهُ (إِنْ صَحَّ الْإِسْنَادُ) بِالنَّقْلِ ; لِأَنَّ الْقُرْبَ مَعَ ضَعْفِهِ بِسَبَبِ بَعْضِ رُوَاتِهِ لَا اعْتِدَادَ بِهِ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ، خُصُوصًا إِنِ اشْتَدَّ الضَّعْفُ حَيْثُ كَانَ مِنْ طَرِيقِ بَعْضِ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ ادَّعَوُا السَّمَاعَ مِنَ الصَّحَابَةِ ; كَأَبِي هُدْبَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هُدْبَةَ، وَخِرَاشٍ، وَدِينَارٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ الْخَطَّابِ الْمَغْرِبِيِّ أَبِي الدُّنْيَا الْأَشَجِّ، وَكَثِيرِ بْنِ سُلَيْمٍ، وَمُوسَى الطَّوِيلِ، وَنَافِعٍ أَبِي هُرْمُزٍ، وَنَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ، وَيُسْرٍ مَوْلَى أَنَسٍ، وَيَعْلَى بْنَ الْأَشْدَقِ، وَيَغْنَمَ بْنِ سَالِمٍ، وَأَبِي خَالِدٍ السَّقَّاءِ.
أَوِ ادَّعَى فِيهِمُ الصُّحْبَةَ ; كَجُبَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ مَحْمُودٍ الْمَارِدِينِيِّ، وَرَتَنٍ وَسَرِبَاتِكَ الْهِنْدِيَّيْنِ، وَمَعْمَرٍ، وَنَسْطُورَ أَوِ ابْنِ نَسْطُورَ الرُّومِيِّ، وَيُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْآتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِمْ فِي الصَّحَابَةِ.

الصفحة 338